عايدة عوض تكتب : التشكك في نزاهة المؤسسات العالمية

في هذه الحلقة من برنامج The Duran يقوم ألكسندر ماركوريس بتحليل خبر جاء على لسان اثنين من اكبر الصحفيين الاستقصائيين investigative reporters وهما كيتلين چونستون و چونوثان ستيل عن اثنان من العاملين في منظمة الحد من الاسلحة الكيماوية OPCW The Organization for the Prohibition of Chemical Weapons واللذان سربا معلومات عن فساد في هذه المنظمة في كشفها وإبلاغها عن مواقع استخدام أسلحة كيماوية في سوريا حيث كان هناك شكوك قوية جداً عن وقوع مثل هذه الاعتداءات.

وكان ذلك التسريب من العاملين في هذه المنظومه عن الهجوم الكيماوي المزعوم على دومة في سوريا بعد ان تفاوضت حكومة الأسد مع الإرهابيين الذين كانوا مسيطرين على هذه البلدة من إخلائها والذهاب الى إدلب. وفي حينها كان الكساندر ماركوريس وآخرين يتشككون في مصداقية هذا الاعتداء على دوما بغاز الكلورين الذي اتهم به نظام الأسد، لانه من غير المنطقي ان يقوم الأسد بإلقاء الكيماويات على البلدة التي قد تم الاتفاق على إخلائها سلمياً وبذلك يجلب على نفسه غضب امريكا وحلفائها.

ولكن جاء تقرير المنظمة ان هناك ما يدل على وقوع اعتداء باسلحة كيماوية ونتج عن ذلك قيام امريكا وبريطانيا وفرنسا بضرب صاروخي على سوريا. واليوم يعترف اثنان من المفتشين الذين كانوا ضمن فريق التفتيش في دومه انه لا توجد الادلة التي اوحى بها التقرير النهائي الذي اصدرته المنظمة والذي كان نتيجته هذا القصف الغربي لسوريا.

ما هو مزعج بالنسبة لألكسندر ماركوريس هو اليقين الان ان مثل هذه المنظمات، وبما فيها منظمات حقوق الانسان المختلفة وحتى المنظمة الخاصة بانتشار الاسلحة النووية اصبحوا جميعاً مشكوك في مصداقيتهم بعد ان اتضح ان هذا التقرير الصادر عن هذه المنظمة قد حور ليلقى الاتهامات على سوريا.

وذلك بعد ان حضر أربعة امريكيين الى مقر المنظمة للاستماع للتقرير الداخلى ثم صدر التقرير النهائي بشكل مختلف عما كان في الاصل وبحيث يبدو منه الاتهام الصريح لنظام الأسد بالقيام بالهجمة الكيماوية. ولم يسرب هذه المعلومات شخص واحد من العاملين في المنظمة بل اثنان وكل واحد منهما ادلى بجزئية تكمل الصورة عن كيفية التحوير في التقرير النهائي ليعكس ما يتماشى مع السياسة الخارجية التي تريد امريكا ان تنهجها.

ولم تكن هذه هى الواقعة الوحيدة التي بدأت التشكك في مصداقية وحيادية هذه المنظمات “الدولية” ولكن قبل ذلك كانت هناك واقعة محاولة قتل “سكريبال” الجاسوس الروسي المزدوج في سالزبري في إنجلترا بماده كيماوية والتي ايضاً قامت بالتحقيق فيها نفس هذه المنظمة والتقرير الصادر عنها أخذته بريطانيا على انه يدين روسيا وقامت الدول الغربية بطرد عدد كبير من الديبلوماسيين الروس على اثره. وحتى في هذا الوقت كانت هناك شكوك في مصداقية هذا التقرير.

ومما لا شك فيه هو ان هذه المنظمات الدولية ومنظمات “حقوق الانسان” التي هى منظمات من المجتمع المدني، اغلبها يبدو انه منحاز في تقاريره ليواكب السياسة الخارجية لامريكا التي يتحكم فيها المحافظين الجدد الذين يميلون الى إشعال الحروب.

وحتى انه في بعض الأمثلة نجد انه لو رئيس احدى هذه المنظمات لم يتماشي مع مطالب امريكا ، نجده يتغير باخر يتماشي معها، وكان اخر ذلك ما حدث في المنظمة النووية الدوليه بعد خروج امريكا من الاتفاقية مع ايران وكانت المنظمة في كل تقاريرها تشيد بالتزام ايران بكل بنود الاتفاقية، ولكن لم تكن هذه وجهة نظر امريكا.

وفجأة “مات” رئيس المنظمة الياباني وخلفته سيدة امريكية كانت تعمل في الحكومة الامريكيه ثم بدأت التقارير تختلف عن التزام ايران بالاتفاقية.

ينهي الكساندر ماركوريس هذه الحلقة بالقول ان عالم اليوم اصبح مخيف العيش فيه حيث لا توجد اي جهات يمكن الوثوق في مصداقيتها وانه يبدو ان المصداقية الوحيدة هي للقوة.

ولكن المشجع في الموضوع ان احد العاملين في الاعلام المؤسسي تكلم عن هذا الموضوع، اي انه هناك من لديه الشجاعة على الإعلان عما يدور فعلياً من استخدام هذه المؤسسات المفروض انها حياديه لتسهيل لامريكا تنفيذ مخططاتها الغير قانونية والتي تخدم أغراضها الاستحواذية.

وكان هذا المذيع هو “تاكر كارلسون” على محطة فوكس، والذي اشاد به الكساندر ماركوريس في حلقه ثانية من برنامج The Duran. وهذا يعطي امل ان هناك بعض الوعي بدأ يتسرب الى العامة بالنسبة للأعمال المخالفة التي تقترفها دول مثل امريكا والغرب.

زر الذهاب إلى الأعلى