آراء

شعبان محمد شحاتة رئيس القلم الشرعي بالعدوة يكتب : ذكاء القاضي وعاطفة الأمومة

زوجتان تنازعتا علي امومة طفل جميل وكل منهما تدعي أنه ولدها وعندهما الدليل والشهود احداهن اتهمت الآخري بأنها عاقر لا تنجب والأخرى اتهمت زوجها بأنه عقيم .

القضية : تخاصمت امرأتان علي طفل صغير السن وكل واحدة منهما تدعي انه ولدها الامرأتان كانتا متزوجتين من رجل واحد انتهي عمره ومات ولم ينجب إلا هذا الولد

أمام القاضي قالت إحداهن إن خصمتها عاقر ولا تنجب وأن الرجل تزوجها قبل وافاته بسنوات عدة حتى تكون له ذرية وأضافت أن دليلي علي أن هذا الولد هو ابني لم يتغير الرجل زوجنا نحن الاثنين مات ولم تحمل احدانا منه الطفل طفلي وفلذة كبدي وهذه المرأة استولت عليه بحجة أنها تحبني لأني أصغر منها فكانت تعتنى به منذ أن ولدته وعندما مات زوجنا ادعت هذه المرآة أن الولد ابنها من أجل أن ترضي زوجي من خلاله وبالمناسبة أنا اقول لكم خذوا الثروة وأعطوني ابني أنا لا أريد الثروة رغم أنها كبيرة وأريد فقط ابني طبعا لم يكن في ذلك الوقت سجلات لقيد المواليد ولم تكن هناك معامل لتليل الدم وفصائله ولم يكن هناك حمض نووي وبصمة وراثية الأمر الذي يجعل من التقاضي الملاذ الوحيد لإثبات البنوة

الزوجة الثانية قالت للقاضي إن غريمتها كاذبة فيما تدعي الطفل طفلي أنا وهي العاقر وبما أنه لم تلد إلي جانب أن الزوج كان عقيماً هو الآخر لكن في سنواته الأخيرة حملت منه وكانت هذه مشيئة الله ومعجزته في خلقته وحملت وولدت هذا الطفل الجميل الحلو الذي لن أفرط فيه لم يكن هناك في تلك الأيام محامون ولا ادعاء عام

طلب القاضي احضار الشهود فقدمت له إحداهما شهودا من أقارب وأبناء عمومتها أقسموا اليمين علي قول الصدق والحقيقة فشهدوا بأن الطفل هو ابن هذه المرأة لكننا نشهد أيضاً أننا لم نختلط بها ويومها كان الاختلاط ممنوعا والوضع يتم في المنازل إذ لم تكن مستشفيات الولادة موجودة أعطلوا
الشهود إفادتهم وانصرفوا

الزوجة الأخرى أحضرت شهودها افأدوا أن الطفل ابنها وأن الزوجة الأخرى ربته لغاية في نفسها استمع القاضي إلي إفادات شهود الزوجتين ورأي لكل زوجة منهما حجتها الدامغة
والمؤثرة والتي ربما اقتربت من الصدق وطلب منها أن تذهب إلي بيتهما وأن تعودا إليه بعد يومين ومعهما الطفل بعد انقضاء المدة حضرت المرأتان إلى المحكمة القاضي كان جالساً علي كرسي عن يمينه مساعد وعن يساره كاتب الجلسة وأمامه المتخاصمتان لوحظ بين الرقاب حضور الجلسة رجل يبدو وكأنه جلاد شواربه غليظة وعضلاته مفتوله ويحمل سيفا لقطع ودخلت المرأتان ومعهما الطفل الجميل المتنازع عليه فأمر القاضي حاجب المحكمة أن ينزع ملابس الطفل عنه ففعل ثم طلب من السياف أن يرفعه من رجليه ففعل والطفل ساكت وهنا قال القاضي للزوجتين أنا لم استطع أن أتبين لمن هذا الولد فكل واحدة منكما كانت لها حجتها ويمكن أن أحكم لها بمنطقها لكن حتي يكون حكمي عادلا فقد رأيت أن أحضر هذا السياف ليقسم الطفل إلى قطعتين بسيفه من وسط فخذيه حتى رأسه وتأخذ كل واحدة منكما قطعة منه
واعتقد أني أكون بذلك قد طبقت العدل عليكما فهل توافقان علي ذلك فصرخت إحداهن وقالت إنني متنازله عنه ولا داعي إلي قسمته نصفين دعه لها شرط أن تربيه جيدا وتعتني به

اعترض القاضي علي تنازل المرأة وأمر بتنفيذ أمره وقطع الولد إلي نصفين فصرخت المرأة ثانية وقالت بالله عليك يا سيدي القاضي لا تفعل إنني متنازلة عن الطفل لهذه المرأة
وذهبت في نوبة بكاء وعويل حتى أغمي عليها وهنا ضحك القاضي وطلب من السياف أن يترك الطفل وشأنه كما طلب من الحاجب أن يلبسه ملابسه وما أن أفاقت المرأة المتنازلة من الإغماء حتي وجدت الطفل يمسح عرقها ويقبلها وهنا قال القاضي خذيه إنه ابنك فوالله إنك لصادقة و غريمتك هي الكاذبة وقال لم يكن أمامي إلا اللجوء لمثل هذه الحيلة لأري أين ستتحرك عاطفة الأمومة عند هاتين المرأتين وأعرف أيهما الصادقة وأيهما التي تكذب.

زر الذهاب إلى الأعلى