خبراء :نحتاج نماذج تعليمية جديدة لمواجهة العديد من التحديات التي تفرضها الثورات

كتبت :ميادة فايق

تشجيع الأطفال على التفاعل والتواصل المستمر مع المعنيين والمسئولين لمناقشة قضاياهم هو أحد العوامل التي تحفزهم على تنمية الشخصية والثقة بالنفس، إلى جانب تدريبهم على وضع الخطط المستقبلية، وتشجيعهم على التفاعل مع أقرانهم، لهذا تبنت عدد من الجمعيات الأهلية مبدأ ضرورة تمثيل الأطفال في اللقاءات المحلية والإقليمية والعالمية التي تتناول موضوعات تتعلق بهم.

ولأن التعليم يعتبر من المقومات الأساسية لحياة المجتمعات المعاصرة، إلى جانب خدمات اجتماعية أخرى مثل الصحة والسكن وغيرها، فقد نظم المجلس العربي والطفولة والتنمية، والائتلاف المصري لحقوق الطفل -ممثلا في منتدى الحوار-، والمشاركة من أجل التنمية، وهيئة بلان انترناشيونال لقاء حواريا تفاعليا بمشاركة 16 طفلا مثلوا عددا من محافظات مصر، حيث شهد مناقشات مكثفة استمرت على مدى خمس ساعات، ووضع الأطفال خلاله “التعليم الجيد ” في دائرة الضوء، محددين رؤاهم تحت شعار “من حقي تعليم جيد”. 

فيما استمع لهم مسئولو وزارة التربية والتعليم، والمجلس، والائتلاف المصري، وهيئة بلان، والإعلاميون، إيمانا منهم بأنهم أصحاب القضية، والقادرين على التعبير الصادق عن رؤيتهم لحقهم في تعليم جيد، حيث لم يعد التعليم التقليدي يتلاءم مع متطلبات العصر، لاعتماده على الثقافة التقليدية التي ترتكز على إنتاج المعرفة، ويكون المعلم هو أساس التعلم، ويتمثل دوره في نقل وتلقين المعلومة، ويكون الطالب عنصرا سلبيا يعتمد على تلقي المعلومة من المعلم دون أي جهد.

ففي ظل عالم يعيش ثورة علمية وتكنولوجية- ذات تأثير كبير على مختلف جوانب الحياة-، وأصبح التعليم الجيد، مطالبا بالبحث عن أساليب ونماذج تعليمية جديدة؛ لمواجهة العديد من التحديات التي تفرضها الثورات العلمية المتلاحقة، حيث باتت أساليب التدريس التقليدية لا تتوافق مع الحياة العصرية وتفكير المتعلم والمعلم في عصر التكنولوجيا والتطور، كما أن التعليم التقليدي في الوقت الراهن لم يضف الجديد على المحتوى التعليمي للأجيال، لأنه وحده لا يستطيع مواكبة الفكر العصري، فهو يؤدي إلى تأخر وقتل الإبداع والتفكر. 

وأكد الأطفال خلال مناقشاتهم الحوارية، على أهمية وجود بيئة داعمة لحقوقهم، ودعوة الإعلام للاهتمام بقضايا حقوق الطفل، ووضع خطة؛ لتطوير التعليم تقوم على تأهيل المعلم، والحد من العنف بالمدارس، وإتاحة الأنشطة المدرسية، وتبسيط المناهج، مع ضرورة إتاحة الفرص للتعبير عن آرائهم، ووجهات نظرهم فيما يخصهم، والدعوة إلى أن يكون هناك مشاركة ودعم وتمكين حول الثورة الصناعية الرابعة داخل المدارس.

وأشاروا إلى إنه نتيجة للتركيز على المادة الدراسية فقد أهمل كل نشاط يتم خارج حجرة الدرس، وأهمل طرق التفكير العلمي، وأهمل تنمية الاتجاهات والميول الإيجابية، وأعتبر النجاح في الامتحانات التي يعقدها المعلم والتي تركز على حفظ المادة هي الأساس، وبذلك أهمل اعتماد الطالب على نفسه وميله إلى الاعتماد على المدرس في شرح المادة، وتبسيطها، وبالتالي حفظها، وجعل التلاميذ يميلون إلى تلخيص المواد الدراسية؛ حتى يسهل حفظها، وهذا يؤدي إلى طمس روح التفكير العلمي والابتكار. 

وشددوا على أن وجود كثافة طلابية كبيرة في الفصول وقاعات الدرس تقلل من فرص التعلم الجيد، وتوصيل المعلومة بالشكل الجيد، وتخفض من قيمة التواصل الفعال بسبب الزحام والتكدس، وعدم قدرة المدرس على التواصل بشكل كافي مع جميع الطلبة؛ بسبب العدد الكبير. 

وطالبوا باستخدام التقنية وآليات الاتصال الحديث من حاسب، وشبكاته، ووسائطه المتعددة من صوت، وصورة، ورسومات، وآليات، بحث، ومكتبات إلكترونية وكذلك بوابات الإنترنت في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت، وأقل جهد، وأكبر فائدة، ومواكبة الانفجار المعرفي الحادث الذي أحدثه بروز دور جديد لتكنولوجيا التعليم؛ من أجل التوصل إلى الحديث من المعارف والأبحاث، وتنظيمها، وتحديد أنسب الطرق؛ لمعالجتها وتقديمها للطالب، وتدريبه على كيفية التعامل معها.

وأشاروا إلى أهمية تعدد مصادر المعرفة، وابتكار أدوار جديدة لتقنيات التعليم الحديثة، لا تعتمد على الكتاب المدرسي فقط في نقل المادة العلمية، بل أن هناك من المصادر الكثير؛ لتقديم المعارف إلى الطلاب في أماكن وجودهم، مثل ما يبث بواسطة الأقمار الصناعية لبرامج تليفزيونية مفتوحة وخطية، إضافة إلى اسطوانات الليزر، وأقراص الكمبيوتر، والتسجيلات السمعية والبصرية المختلفة.

ومن جانبه، أكد الأمين العام للمجلس العرب للطفولة والتنمية الدكتور حسن البيلاوي أن التعليم الجيد قاطرة التنمية المستدامة، والحديث عنه هو الحديث عن قضية تمثل أولوية قومية في الوقت الراهن، حيث يعنى التعليم الجيد جودة النماء والحرية والمناخ الإنساني، مشيرا إلى إيلاء المجلس اهتماما متعاظما بحقوق الأطفال، خاصة مشاركة الأطفال كحق ومبدأ، بل وكنهج عمل يستلزم تنمية القدرة، وتهيئة وتمكن الطفل العربي من المستقبل، ودخول عصر المعرفة والثورة الصناعية الرابعة، بوعي عقلاني مستنير يطلق طاقاته في التفكير الناقد والإبداع، وتكسبه مهارات القرن الحادي والعشرين، وتبني قدراته في التعلم المستمر والعمل والحياة، وتؤهله للمشاركة بالاندماج الكامل في مجتمعه المحلي والعالمي. 

أما مدير الائتلاف المصري لحقوق الطفل الدكتورة سمر يوسف فقد أشارت إلى إطلاق الأطفال تحت مظلة الائتلاف لحملة “أحلامنا في أقلامنا”وفى شهر أبريل الماضي التي تهدف إلى تأمين بيئة تعليمية شاملة ترفع من جودة التعليم؛ لتناصر حقوق الطفل العربي، موضحة أن مشاركة الإعلام في هذا الصدد يمكن أن يساهم بشكل فاعل في إحداث تغيير في منظومة التعليم في مصر من وجهة نظر الأطفال، ومناصرة كل قضايا حقوق الطفل في مصر بما فيها عمل الأطفال، والزواج المبكر، والختان، والعنف، والحفاظ على سن الطفل حتى 18 سنة؛ لأنه ضمانه للحفاظ على المجتمع من تداعيات سلبية كثيرة.

فيما أكدت رئيس تنفيذ البرامج بهيئة بلان انترناشيونال الدكتورة جاسنت إبراهيم الحاجة إلى التعليم الجيد وفق رؤية مصر 2030، مشددة على عمل الهيئة على توفير التعليم الجيد المنصف للجميع كهدف رئيسي من أهداف التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة وتشمل 17 عنصرا من بينها التعليم الجيد والمنصف للجميع.

وتضمن اللقاء في عقد 3 جلسات شارك في إدارتها الأطفال، جلسته الأولى منها تناولت موضوع “التعليم الجيد من أجل أهداف التنمية المستدامة”، وتضمنت طرحا لنتائج البحث الذي أجراه الأطفال في أربع محافظات مصرية على 210 أطفال، وأوضحت نتائجه بأن الأطفال يعانون من مشكلات عدة في المدرسة مثل صعوبة المناهج، والتنمر، والعنف، وغياب الأنشطة، كما تضمنت عرضا لعدد من الفيديوهات التي أعدها الأطفال أنفسهم حول رؤيتهم في التعليم والإعلام.

في حين تناولت الجلسة الثانية موضوع “إعلام صديق للطفل” أقدمت خلاله مديرة إدارة الإعلام بالمجلس العربي للطفولة والتنمية إيمان بهي الدين عرضا حول المبادئ المهنية؛ لمعالجة الإعلام العربي قضايا حقوق الطفل، والتي أعدها المجلس بالشراكة مع جامعة الدول العربية وبرنامج الخليج العربي للتنمية “اجفند”، وحصلت على موافقة مجلسي وزراء الشئون الاجتماعية والإعلام العرب.

أما الجلسة الثالثة فقد تناولت بالتفاعل مع الأطفال موضوع “تمكين الطفل من المشاركة والإبداع في عصر الثورة الصناعية الرابعة” قدمها مدير إدارة البحوث والتوثيق وتنمية المعرفة المهندس محمد رضا فوزي، والقائم بأعمال مدير إدارة المشروعات بالمجلس العربي للطفولة والتنمية

زر الذهاب إلى الأعلى