آراء

يوسف عبداللطيف يكتب: بين الشعارات والمصالح.. الإخوان إيران وإسرائيل في مرآة الجغرافيا السياسية

في منطقة تتشابك فيها الجغرافيا بالعقيدة، وتتصادم فيها الشعارات مع الواقع، من الخطأ قراءة التحالفات والعداوات الإقليمية من زاوية خطابية بحتة. فالعلاقات بين أطراف تبدو متنافرة أيديولوجيًا مثل الإخوان المسلمين، والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وإسرائيل، تستحق أن تُفكك بهدوء لا بتهويل.

الإخوان وإيران: خلاف مذهبي… وتفاهم سياسي مشروط؟
رغم أن الخلاف بين الفكر السني الحركي الذي تمثله جماعة الإخوان، والمذهب الشيعي السياسي الذي تقوده طهران، يبدو جذريًا، إلا أن فترات تاريخية عديدة شهدت تقاربًا براغماتيًا، من دعم إيران لحركة حماس، باعتبارها امتدادًا إخوانيًا في فلسطين، إلى تلاقي الطرفين في رفض “الأنظمة العربية التقليدية”، كان هناك دومًا هامش تقاطع تكتيكي رغم التناقض العقائدي.

الإخوان وإسرائيل: العدو الظاهر… والمواقف المتذبذبة؟
في الخطاب العلني، لا خلاف على أن الإخوان يعتبرون “إسرائيل” كيانًا غاصبًا. لكن المتأمل في مواقف حكم الإخوان القصير في مصر، في عهد محمد مرسي، سيلاحظ أن الاتفاقات مع تل أبيب لم تُلغَ، ولم تُتخذ أي خطوات استراتيجية تعكس خطًا مغايرًا بعمق. بل كان هناك إقرار ضمني باستمرارية السياسات الخارجية التي أرساها النظام السابق، لا سيما في ما يتعلق بالحدود وغزة واتفاقية كامب ديفيد.

إيران وإسرائيل: العدو الأيديولوجي… والشريك غير المباشر؟
شعار “الموت لإسرائيل” هو حجر زاوية في الخطاب الإيراني منذ الثورة. ومع ذلك، فإن القراءة الموضوعية تشير إلى أن الصدام بين الطرفين ظل غالبًا في مستوى الوكالة، ولم يتحول إلى مواجهة عسكرية مباشرة، بل إن أطرافًا كثيرة ترى أن إيران تستفيد من وجود “العدو الإسرائيلي” لتبرير مشروعها الإقليمي، كما تستفيد إسرائيل من وجود “التهديد الإيراني” لتحصين شرعيتها الغربية.

الخلاصة: هل نحن أمام خريطة تحالفات غير معلنة؟
الواقع يثبت أن تقاطع المصالح قد يجمع الأضداد أكثر مما يفرقهم، وأن الخطاب العقائدي غالبًا ما يُستخدم كأداة تعبئة لا كمعيار قرار.

فهل من المبالغة القول إن الثلاثي (الإخوان – إيران – إسرائيل) وإن لم يجلسوا يومًا إلى طاولة واحدة، إلا أنهم يتقاطعون في عدة مفاصل تخدم أهدافهم المختلفة، كلٌ بطريقته؟

في عالم السياسة، ليس المهم ما يُقال، بل ما يُفعل، وأحيانًا ما لا يُقال علنًا، ومع ذلك، لا يجب أن ننسى أن الجغرافيا السياسية لا تُدار بالعواطف، بل بموازين القوى والمصالح المتبادلة. وقد تُستخدم الجماعات أو الطوائف أحيانًا كأدوات في صراعات لا نراها مباشرة.

فهل نعيش مرحلة إعادة تشكيل الاصطفافات القديمة؟ وهل ما يحدث اليوم هو صراع طائفي أم حرب مصالح مقنّعة؟

فكر قبل أن تُصنّف .. فالأحداث أعقد من شعاراتها!

زر الذهاب إلى الأعلى