آراء

د. محمد شلبي يكتب : عدد ولا تطلق

في ظل زواجات “رجال الأعمال” و”الفنانين” والأغنياء المستضعِفين لشأن الفقيرات..

أرى أن جزئية “تعدد الزوجات” في الإسلام لم يفهمها كثير من النساء والرجال على وجهها ..

وذلك أن النساء يرونها مزاحمة لهن.. واستلابًا لما يمتلكن.. في حين أن الشرع لو لم يبح التعدد لكان السبيل الوحيد لدى الرجل هو تطليق الزوجة الأولى والتخلي عنها ليتمكن من التزوج بغيرها..

فكأن الله تعالى يقول له: عدد ولا تطلق..

فإن قالت: وما الذي يمنعه لو تزوج بأربعة أن يطلق منهن .. حتى يستطيع أن يتزوج بخامسة أو سادسة ؟؟ فالحال هنا كالحال الأول..

قلت لا..لأنه في الحال الأول (لو كان المباح واحدة فقط) ليس لديه ما يغنيه.. فإما أن يبقيها على غضبه منها وهوانها عنده وإما أن يطلقها ليتزوج بغيرها ..

أما الحال الثاني (إباحة التعدد) فلديه ما يغنيه عن واحدة منهن لا ترضيه.. فلا حجة له في طلاقها دون سبب ظاهر مقتضٍ للطلاق..

وهذا هو الجزء الذي يخطئ الرجال في فهمه .. وهو أنه يحل له – دون مؤاخذة شرعية – أن يبدل بين الزوجات وأن يطلق متى شاء..

والحاصل أن هناك دليلين – في نظري – يمنعان الرجل من تطليق من يشاء متى شاء.

الأول: أن الزواج في الإسلام لا يتم إلا على نية التأبيد.. وحرم الزواج المؤقت “نكاح المتعة”..

وهذا يعني أن الطلاق لا بد أن يكون مسببًا بسبب معتبر حتى يقتضي قطع نية التأبيد.. وتطليقه إحدى زوجاته ليتمكن من خامسة وسادسة ليس سببًا معتبرًا. ويتقوى هذا الدليل بالدليل.

الثاني:وهو أن المباحات مشروطة بعدم إلحاق الظلم بالغير .. فلو طلقها دون سبب يقتضي الطلاق فقد ظلمها .. والظلم محرم .. فلو كانت جميلة عفيفة مطيعة .. فإن تطليقها ليتزوج أجمل منها .. أو أغنى منها .. أو لمنصب يرجوه بزواجه بها ظلم لا شك فيه..

وإن كان إمساكه الزوجة مع الظلم (كأن لا يعدل بينها وبين ضرتها، أو يجعلها كالمعلقة) محرمًا .. فما بالنا بتخليه عنها وهو ظالم لها ؟!!.

نعم قد يقول قائل .. وماذا عليه لو أعطاها نفقتها وزادها وأكرمها بالمال ثم طلقها ..

أقول: إن هذا ممتدح عند قيام السبب المقتضي للطلاق وهو من قوله (أو سرحوهن بمعروف) ..ولكنه فعل مذموم عند عدم قيام السبب..

وعامة نصوص الشريعة تجمع على إمساكها وحسن العشرة حتى تستحيل .. فإن استحالت حل الطلاق وطاب !.

والله تعالى أعلم.

 

yoast

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى