آراء

محمد الغريب يكتب: الزوج في بيت الطاعة مبروك وعطية

لم أحزن ولن أحزن في أن يصبح المبروك هلالياً جديداً أو جندياً عتيداً في مأدبة الفمينسيتية المؤدلجة بغطاء “ليبروثيوقيراطي” التي تهدف إلى أن تكون المرأة غطاءً لتحقيق أهداف مخطط نسف العادات والتقاليد والأديان التي لا مصادفة أن تكون جميعها شرقية الهوى والهوية.
حديث الزوجة الوناسة الذي دأب بعض المتفيقهين نشره في الأوساط الإعلامية والصحفية مؤخراً بزعم أنه جزء من الدفاع عن الإسلام وصونه حرية المرأة وكرامتها، لا أجد فيه إلا تتويجاً للشذوذ الفكري الذي بات يبرر بثوب ديني تستقطع فيه النصوص وتبتر فيه الكلمات، ولست أدري سبب الحنية المفاجئة التي تحلى بها هؤلاء العطفى ومرهفي المشاعر حتى يبادروا إلى رفع لواء الحرية لبني جلدتهن، وكأن المرأة المستعبدة قد تحررت الآن وحلت مشاكلهن وكأن الحل الجذري لأزمة الطلاق هو شعار “بدون زواج ذلك أفضل”.

“الزوجة الوناسة .. المعلمة الراقصة والأندر المشلوح” وغيرها من الأمور التي وجدت رواجها مؤخراً لدى منصات التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، دفعت كثير من هؤلاء المتفيقهين إلى خلع ردائهم وعباءاتهم للحاق بركب الترند تارة وإرضاءً لمجلس حرمنا المصون أخرى، ضاربين بالمعتقد والتقليد عرض الحائط ركاباً على الأمواج المتلاطمة، فأضحت الزوجة المُعددة مُبرأة، والراقصة مُحصنة، والسارقة مُعذرة، ليجد الرجل في المقابل نفسه من يتحمل تبعات القضايا الثلاث، فله أن يتغاضى عن الخيانة الزوجية بإحدى الحسنيين على مذهب صاحب البركات والشيخ المبروك فإما أن يمسك عليها أو يسرحها بالمعروف، والسارقة مُعذرة بـ”البعلول” أو المجتمع أو من امسكها متلبسة، والراقصة مُحصنة ببند التشهير فالجرم على من كشف الستر وفضح من قامت بالهز في عرض النيل.

ولن استطرد في مناقشة أفكار الثلاثة ومذهبهم، لكني أحتاج لمراجعة أفكار المبروك في قضية الطاعة، وقد استوقفتني عدة مشاهد ما قبل وبعد المراجعة، فأضحت “ولهن الذي عليهن بالمعروف” مدخلاً للتدليس وزج أمور ما أنزل الله بها من سلطان فأضحى من حق الزوجة منع زوجها من صيام التطوع بمبدأ المعاملة بالمثل، وكذلك للخروج دون إذنه، وإن كان الأمر تدريجياً فأجيز الحج وغداً أمور أخرى في الطريق، ولن أجهز عليه في الحديث ولن استقطع من حديثه كي لا يكون الأمر في نظر البعض تصيداً لصاحب الشهرة اللوذعية في عالم الترند.

توقفت طويلاً أمام سؤال مقدم برنامج تليفزيوني شهير وهو يردد على مسامع الفقيه الفذ :” يعني الحاجة الوحيدة اللي ميخدش فيها الإذن هو الجهاد”، وكأنها أضحت قضية الإذن ثابتة بالبرهان والحجة الدامغة في “ولهن مثل الذي عليهن”، والتي استخدمها العالم المبروك في رد حديث صحيح يقول فيه النبي:” لا يصح أن تصوم إمرأة مسلمة صوم سنة وزوجها شاهد إلا بإذنه”، ليتساءل : “أين هي الآية “ولهن مثل الذي عليهن” ولست أدرى أهو استفهام لنا أم لمن روى الحديث؟
كانت مصطلحاته “اعتدنا أن نجعل من الزوج إله.. وافق وافق موفقش إن شاله ما عنه وافق”، بمثابة علامات استفهام وتعجب كبيرة،ف لست أدري حقاً أهي نابعة من ضميره أم عن هوى نسوي؟، ولن أكون في موقف الحكم على مصطلحاته فلا تعني لي شيئاً فهو المترنح في غياهب التعدد الذي كان معه ثم سرعان ما هجره لينضم إلى معارضته، ولست ممن يقولون له لا تتراجع عما تقول وتتلون كيفما أراد لك أصحاب الصوت العالي، فلست ممن يعولون كثيراً على مصطلح رجال الدين أو أن هناك علماء ثقات إلا ندر، لكني أدعوه إلى أن يتوقف عن الحديث فضلاً ليكون حفظ ماء الوجه مقدراً له فكم من رجال رحلوا من الدنيا لا ذكر لهم إلا رحمة ولغيرهم الويل واللعنة.

اتساءل كثيراً أين هو وغيره من حديث “كلكم راعٍ”، وكيف لرجل أن يحاسب عن امرأته وهم يجيزون لها الانحلال والتحرر كلياً منه؟!، وكيف تستقيم الطاعة التي يقول هو ذاته بها مع لفظة “عنه موافق”؟!، وكيف تكون لها حق إعطائه الإذن وهو محروم منه؟!، فهل سنجد من بين هؤلاء يوماً القول بحق الرجل في النفقة أم أنها خارج أجندتهم؟

لست ممن يقسو على هؤلاء فقد سبقتهم مؤسسات رسمية من قبل لإجازة الترقيع والغش، وأعطت الضوء الأخضر للتمرد ليكون الزوج هو من يؤدب بالزواج ويكون في بيت الطاعة مبروك وعطية، يتبارك بقوله في أوقات محددة، ويعطي من يريد العطايا من زوجة وأهل وأحباب فالجميع له ذمة مستقلة إلا هو، فمستباح ولهم حق الحياة إلا هو فلا حق ولا حياة.

زر الذهاب إلى الأعلى