آراء

د. فتحي حسين يكتب: الحج والتحايل لأجل أداء الفريضة

 

الحج لمن استطاع اليه سبيلا , وهذا هو المبدأ الاساسي كما جاء في اركان الاسلام الخمسة المتعارف عليها , ومن ثم فان الاستطاعة بانواعها المادية والجسدية والمعنوية هي الاساس للحج , وهذا الكلام اذكر به القراء في هذا الموسم الاستثنائي للحج هذا العام 2024 والذي شهد ملابسات وظواهر ربما هي الاولي من نوعها , ومن ابرزها التحايل لاداء فريضة الحج هذا العام بعد الارتفاع غير المسبوق في اسعار طيران واقامة الحج هذا العام والذي دفع بعض الراغبين والحالمين المشتاقين لزيارة بيت اللله الحرام الي التحايل علي اداء الفريضة بشكل غير شرعي وغير رسمي ويتجهون الي الطريق الشمال او ما يسمي باستغلال تأشيرة حج الزيارة اي يقومون بزيارة للمملكة قبيل توقيت الحج ويتجهون لاداء الفريضة بشكل او باخر , مما أدي الي مشكلات عديدة منها الازدحام الشديد وسط الحجيج هذا العام وصعوبات التنقل والحركة مع الحرارة الشديدة التي وصلت الي 55 درجة في الظل بالمملكة والتي ادت الي وفاة عدد كبير من المصريين الذين ذهبوا لاداء الفريضة بشكل غير رسمي , ولا نستثني مسئولية بعض شركات السياحة التي بالغت في اسعار تذاكر الحج والتي جعلت معظم الافراد يتجهون الي هذا التحايل ,ومن بينهم شركات ساعدت بعض الحجيج علي التحايل ومن خلال الخلية الحكومية التي تم تكها في هذا الامر , تم رصد عدد 16 شركة سياحة مصرية قامت بالتحايل وتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، ولم تقدم أي خدمات للحجاج, وتم سحب رخص هذه الشركات، وإحالة المسئولين إلى النيابة العامة، مع تغريم هذه الشركات لصالح أسر الحجاج الذين تسببوا في وفاتهم.

ولكن كل ذا وذاك لا يعفي الشخص الحاج من مسئولية الذهاب لاداء الفريضة الغالية بشكل غير شرعي ورسمي , اسوة بغيرهم الذين دفعوا ما يقارب الربع مليون جنيه لاداء الفريضة وانتظروا وانتظموا في السفر والانتقال , ولكنهم فوجئوا بمن يزاحجمهم بشكل غير رسمي وهذا ما سبب ازدحام واختناق غير مبرر ادي الي حالات وفاة متعددة وغير مسبوقة في موسم حج استثنائي 2024 , وهو ما يثير تساؤلات دينية عديدة حول مدي شرعية وقبول هذه الحجة لهؤلاء المتحايلين والغير شرعيين المخالفين القانون والنظام ؟ وهل الحاج المخالف والذي سالك طرق غير شرعية للاداء الفريضة ويظل خائف من ان يتم ضبطه من قبل السلطات السعودية لانه مخالف للنظام , وممكن في اي وقت يتم ترحيله , فهل يقبل حجته , فمن شروط الحج الاطمئنان والسكينة , ورب العزة سبحانه وتعالي قال في محكم اياته :” الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ (البقرة:197)..وتبقي الاجابة لدي اهل الاختصاص والافتاء ,حول مدي صحة اداء الفريضة من عدمه , لكني اري ان الحج بهذه الطريقة لا يمكن ان يستشعر به الحاج في قلبه ونفسه وروحه , لان الحاج الذي يقف علي جبل عرفات مناجي رب العزة بالدعاء وطلب المغفرة والعتق من النيران لابد ان يكون صادق النية من داخله ونقي السريرة وجمع ماله من حلال وهذه النقطة مهمة جدااا وليس متحايل لاجل اداء فريضة يعلم جيدا انه مخالف للنظام المتبع ويخشي من ان يراه احد من المسئولين علي الحج بالمملكة السعودية , واعرف سماسرة واشخاص يتلقون مبالغ مادية لاجل تيسير مهمة التحايل لاجل اداء فريضة الحج , وهؤلاء لابد من التحقيق معهم .

وظاهرة التحايل لاداء الفريضة عبر حمل تأشيرة الزيارة فقط وليس الحج , جعل السلطات السعودية تتصرف بقوة مع كل مخالف مثلما حكي احد الشباب المصريين بان السلطات اقتحمت بعض المساكن علي الرجال والنساء فجرا , والسبب ان والدته ذهبت وأخته للحج هذا العام عبر تأشيرة الزيارة التي لا يُسمح لحاملها بدخول مكة في موسم الحج، وفق تعليمات وزارة الداخلية السعودية, وهو ما جعل السلطات السعودية تمارس العنف في رد فعلها معهم وتطردهم بشكل غير ادمي ! وربما هذا حقها .

فالحج فريضة من فرائض الاسلام لمن استطاع اليها سبيلا , وليس لمن نجح في التحايل علي هذا الامر الذي ادي الي كوارث من بينها زيادة اعداد الوفيات بين المصريين الذين تاهوا وماتوا في الصحراء بالسعودية من الحر الشديد , وزيادة اعداد المرضي هناك من المصريين وظواهر اخري منها التسول والسرقات وعشوائية بيع المنتجات الاسيوية والمصرية والاوروبية هناك من قبل التجار الذين يحضرون من كل فج عميق للبيع واستغلال موسم الحج لبيع سلع رديئة وغير جيدة للحجاج والبيع والشراء لسلع مجهولة المصدر يتم استغلال موسم الحج لبيعها هناك .

ولابد ان ينظر المسئولين بالمملكة السعودية ومصر وشركات السياحة في امر اسعار التذاكر والاقامة في الفنادق , والتنقلات لاجل تحقيق حلم كل مشتاق الي زيارة بيت الله الحرام بشكل شرعي ورسمي ,يشعر معه بالروحانيات والجمال المكاني بشكل منظم , ودون ان يشعر الحجيج بانهم خائفون من شيء ما ومن ان يراهم احد من سلطان الامن في السعودية .!

فكما قال سبحانه وتعالي :” ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ من سورة قريش: 3، 4

زر الذهاب إلى الأعلى