آراء

م. خالد محمود خالد يكتب: أمن الدول لا يمكن أن يُبنى طويلًا على أكتاف الآخرين

القواعد الأجنبية ليست ضمانة مطلقة للسيادة الوطنية

أثار الحديث عن اختراق المجال الجوي القطري واستهداف مقر وفد “حماس” ـ رغم وجود قواعد عسكرية أمريكية ضخمة في قطر ـ تساؤلات عديدة حول جدوى هذه القواعد، ومدى قدرتها على تحقيق مفهوم “المنفعة المشتركة” بين الدولة المضيفة والدولة المضافة.

من الناحية النظرية، المجال الجوي لأي دولة يمثل جزءًا أصيلًا من سيادتها، وأي اختراق يُعد اعتداءً صريحًا على القانون الدولي. وجود قوات أجنبية على أراضي الدولة لا يُلغي هذه السيادة، بل يفترض أن يخضع نشاطها لتنسيق كامل مع الحكومة المضيفة. لكن الواقع يكشف صورة أكثر تعقيدًا.

في قطر، قاعدة “العديد” الأمريكية تُعد من أكبر القواعد في الشرق الأوسط، وقد أُنشئت بموجب اتفاقيات دفاعية تضمن ما يُعرف بالمنفعة المشتركة: الحماية والدعم العسكري للدوحة، والموقع الاستراتيجي لواشنطن. غير أن هذه المعادلة ليست دومًا متوازنة، إذ تحتفظ الولايات المتحدة بهامش واسع من حرية الحركة والقرار العسكري، قد لا يتطابق مع حسابات الدولة المضيفة.

إذا صح أن اختراقًا جويًا حدث وضُرب هدف داخل قطر، فإن ذلك يضع أمامنا احتماليْن: إما وجود تواطؤ أو موافقة ضمنية، أو أن الهجوم وقع رغم الوجود العسكري الأمريكي، وهو ما يفضح قصورًا في منظومة الحماية، ويؤكد أن القواعد الأجنبية ليست ضمانة مطلقة للسيادة الوطنية.

هذا الوضع يعيد طرح السؤال الأهم: هل القواعد العسكرية الأجنبية ورقة قوة للدول الصغيرة، أم عبء على استقلال قرارها السياسي والعسكري؟ التجارب العالمية، من اليابان إلى ألمانيا، أثبتت أن المعادلة دقيقة ومعقدة، وغالبًا ما يكون القرار النهائي في يد القوة الكبرى، لا الدولة المضيفة.

إن ما جرى ـ أو حتى مجرد طرحه للنقاش ـ يذكرنا بأن السيادة لا تُستعار، وأن أمن الدول لا يمكن أن يُبنى طويلًا على أكتاف الآخرين.

م. خالد محمود خالد يكتب: أمن الدول لا يمكن أن يُبنى طويلًا على أكتاف الآخرين

زر الذهاب إلى الأعلى