آراء

د. عاطف محمد كامل احمد يكتب: أهمية إستضافة مصر لقمة المناخ بشرم الشيخ COP 27

أن اختيار مصر لاستضافة الدورة القادمة من المؤتمر COP27 يأتى تقديراً من المجتمع الدولي للجهود التي تبذلها مصر في كافة نواحي التنمية مع الحفاظ على البيئة، بالإضافة إلى النشاط الذي تساهم فيه الدولة على مستوى مشاركة المجتمع الدولي للتعاون من أجل الوصول لحل لقضية من أهم القضايا التي تهدد مستقبل البشرية على كوكب الأرض وهي التغيرات المناخية. وقد أعلنت مصر أنها تستضيف الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ  عام 2022 بشرم الشيخ، بعد إطلاع العالم على إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 على هامش فعاليات مؤتمر المناخ بجلاسكو COP 26؛ والتى تهدف إلى تحقيق نمو اقتصادى مستدام وبناء المرونة والقدرة على التكيف بالإضافة إلى تحسين الحوكمة وإدارة العمل فى مجال تغير المناخ وتحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية فضلآ عن العمل على تعزيز البحث العلمى ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعى لمكافحة تغير المناخ.  وإن دعم مختلف دول العالم لمصر وخاصة الوفود الإفريقية لتنظيم مؤتمر المناخ cop 27 فى عام  2022 يعتبر تأييد دولى ورسالة شكر أممية لمصر، على جهودها فى إيجاد حلول للتحديات المناخية التى يواجهها كوكب الأرض، بالإضافة إلى أهمية الرسالة التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي فى قمة قادة العالم فى الأول من نوفمبر بمؤتمر جلاسكو والتى شدد خلالها على أن COP 27 سيكون مؤتمراً افريقياً حقيقياً يهدف إلى تحقيق تقدماً فى مجالات تمويل المناخ والتكيف للوصول إلى تحقيق الحياد الكربونى.
ومن المتوقع أن تكون قمة المناخ COP 27 هذا العام 2022 أهم قمة عالمية بعد قمة باريس 2015 والتى انتهت بإعلان اتفاق باريس بالإضافة إلى ذلك تسعى مصر إلى إيجاد طرق لتعزيز الحراك المناخى كما تدعو إلى تحليل أعمق للمخاطر المستقبلية المرتبطة بتغير المناخ وتبنى مفهوم العمل الاستباقى لتحقيق الاستفادة القصوى من الموارد المتاحة للحد من تداعيات تغير المناخ. ويعتبرمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للتغيرات المناخية أكبر وأهم حدث دولي يشهده العالم كل عام، حيث تجتمع وفود الدول الأعضاء في الاتفاقية وبروتوكول كيوتو واتفاق باريس للمناخ للتباحث والتشاور والتفاوض حول الموضوعات الخلافية في إطار تنفيذ الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بتغير المناخ. وتأتى أهمية المؤتمر حضور نحو عشرة إلى عشرين ألف مشارك يتضمن أيضا اجتماعات قمة والشق رفيع المستوى والتي يكون تمثيل الدول فيها على مستوى رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو على الأقل الوزير المعني بشئون البيئة وتغير المناخ بالدولة، كما يشارك فيها الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس الدولة المستضيفة للمؤتمر مصر، وبالتالي فهو حدث عالمي رفيع تسلط عليه الأضواء ويحظى بتغطية صحفية وإعلامية كبيرة من كافة وكالات الأنباء العالمية، أن الدروة التي تستضيفها مصر للمؤتمر تمثل الدورة رقم (٢٧) لمؤتمر COP، والدورة رقم (١٧) لمؤتمر CMP والدورة رقم (٤) لمؤتمر CMA والدورات من رقم (٥٧) للهيئات الفرعية للتنفيذ والمشورة العلمية والتكنولوجية.
أن استضافة مثل هذه المؤتمرات الدولية يضفي طابع ثقة من المجتمع الدولي في مصر ، ويضع على الدولة التزامات بضرورة التجهيز والاستعداد على أعلى مستوى نظرا لمستوى الحضور، بالإضافة إلى أن مصر قد حققت خلال الفترة الماضية نجاحات في العديد من المجالات التنموية بما يحافظ على البيئة، كما أهتمت الحكومة بملف التغيرات المناخية على أعلى المستويات السياسية، وتم تشكل مجلس أعلى للتغيرات المناخية برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية الوزراء المعنيين، فضلآ عن تشكيل كيانات مؤسسية داخل كل وزارة تعني بموضوعات التغيرات المناخية.

ولقد أولت الدولة اهتماما بالغا بتطوير مشروعات توليد الطاقة من مصادرها المتجددة والنظيفة سواء الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أو الطاقة الهيدرولوجية، وكذلك الاهتمام بأنشطة ترشيد وتحسين كفاءة الطاقة، كما أولت الدولة اهتماما بملف تمويل المناخ، فقد بدأت العديد من البنوك الوطنية في تخصيص مسار تمويلي للمشروعات ذات المردود البيئي، كما أصدرت وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة التخطيط معايير الاستدامة البيئية، وتم إصدار السندات الخضراء بالتعاون بين وزارتي البيئة والمالية.

وإن الحكومة المصرية تهتم بملف التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تنفيذ عدد من الأنشطة والمشروعات لتدعيم بعض المناطق بالساحل الشمالي لحمايتها من النحر والتدهور، وإجراء بحوث على أصناف من المحاصيل تتحمل الملوحة والحرارة وظروف الجفاف، كما قامت مصر بإعداد أول استراتيجية وطنية للتغيرات المناخية، وجاري التحضير لإعداد خطة وطنية للتكيف مع التغيرات المناخية، فضلاً عن أن مصرأعلنت خلال الدورة السابقة للمؤتمر الذى انعقد في جلاسكو2021 عن استضافة مركز التميز الأفريقي للتكيف والمرونة المناخية ليصبح أول مركز إقليمي علمي مخصص لدعم الدول الأفريقية في موضوعات التكيف والمرونة المناخية ويسهم في استقطاب التمويل اللازم لهذه الأنشطة.

وتعتبر أفريقيا أكثر القارات تأثرا بالسياسات المسببة لتغير المناخ التي تتبعها الدول الكبرى، وهذه الزاوية حاضرة في رؤية مصر تجاه سياسيات تغير المناخ. وأن هناك مساعيا مصرية لتبنى مطالب الدول الأفريقية وتطرحها على مستوى دولي، بهدف توفير الدعم والتمويل اللازم لتنفيذ سياسات مواجهة التغير المناخي في تلك الدول. إن أفريقيا تدفع فواتير سياسات ليست شريكة فيها، مثل السياسات الصناعية للدول الكبرى وتؤثر سلبا على المناخ في القارة، ومن ثم فإن هناك مسؤولية دولية وأخلاقية على الدول الكبرى ومؤسسات التمويل الدولية لدعمها في التحول الأخضر ومواجهة التغير المناخي.
الاستراتيجية الوطنيّة المصرية لتغيُّر المناخ 2050

أطلقت مصر الاستراتيجية الوطنيّة لتغيُّر المناخ 2050 على هامش مشاركتها في فعاليات مؤتمر المناخ بغلاسكو “كوب 26”. والتي تركز على مجالي التخفيف والتكيف مع تغيرات المناخ، مؤكدة أن الاستراتيجية وحدها لن تحل المشكلة، لذا قامت الحكومة في ظل جائحة كورونا بتخضير موازنة الدولة، وإصدار دليل إرشادي لمعايير الاستدامة البيئية لتطبيقها على مشروعات الحكومة. وإن مصر صاحبة تجربة رائدة في الاقتصاد الأخضر والاعتماد على الطاقة النظيفة. وشملت الاستراتيجية الوطنية لتغيُّر المناخ مرحلتين: مرحلة الإطار العام الذي تم الموافقة عليه في يونيو الماضي، ومرحلة إعداد الاستراتيجية كاملة. وأنّ الاستراتيجية ستمكّن مصر من تخطيط وإدارة تغيُّر المناخ على مستويات مختلفة ودعم تحقيق غايات التنمية المستدامة وأهداف رؤية مصر 2030 باتباع نهج مرن ومنخفض الانبعاثات.
وتعمل الاستراتيجية على تحقيق خمسة أهداف رئيسية وهي،
الهدف الأول هو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، من تنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات، بزيادة حصة مصادر الطاقة المتجددة والبديلة في مزيج الطاقة، وتعظيم كفاءة الطاقة، وذلك بتحسين كفاءة محطات الطاقة الحرارية، وشبكات النقل والتوزيع، والأنشطة المرتبطة بالنفط والغاز، وتبَنّي اتجاهات الاستهلاك والإنتاج المستدامة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من النشاطات الأخرى غير المتعلقة بالطاقة.
والهدف الثاني هو بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ، بالتخفيف من الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم الإيكولوجية من تأثيرات تغير المناخ، والحفاظ على موارد  الدولة وأصولها من تأثيرات تغير المناخ، وتحسين البنية التحتية والخدمات المرنة في مواجهة تأثيرات تغير المناخ، وتنفيذ مفاهيم الحد من مخاطر الكوارث، عن طريق إنشاء أنظمة إنذار مبكر.
ويشمل الهدف الثالث تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ من خلال تحديد أدوار ومسؤوليات مختلف أصحاب المصلحة من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية، وتحسين مكانة مصر في الترتيب الدولي الخاص بإجراءات تغير المناخ.
ويعمل الهدف الرابع على تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، بينما يعمل الهدف الخامس على تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغير المناخ.

كاتب المقال -مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية- اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية

زر الذهاب إلى الأعلى