آراء

شعبان شحاتة رئيس القلم الشرعي بالعدوة يكتب: البينة الصادقة احب من اليمين الفاجرة

اعطاء الفرصة للمدعى والمدعى عليه الدفاع قبل الحكم والتاجيل لهم حتى تكتمل الخصومة :قال عمر في رسالته لابی موسى “واجعل لمن ادعى حقا غائبا امدا ينتهى اليه أو بينه عادلـة، فانه اثبت للحجة وابلغ في العذر فان احضر بينه إلى ذلك الاجـل بحقـه والا وجهت عليه القضاء”

وقد ذكر العلامة ابن قيم الجوزية رحمة الله تعالى في التعليق على ذلك فقال (هذا مـن تمام العدل فان المدعى قد تكون حجته أو بينته غائبة فلو عجل عليه بالحكم بطل حقـه، فـاذا سأل امدا تحضر فيه حجته اجيب اليه، ولا يتقيد ذلك بثلاثة ايام، بل بحسب الحاجة، فان ظـهر عناده ومدافعته للحاكم، لم يضرب له امدا بل يفصل، فان ضرب هذا الامد انمـا كـان لتمـام العدل، فاذا كان فيه ابطال للعدل لم يجب اليه الخصم)

وذكر ابن قدامة رحمة الله (وان قال المدعى لي بينه غائبة قال له الحاكم لـك يمينـه فان شئت فاستحلفه وان شئت اخرته إلى أن تحضر بينتك وليس لـك مطالبته بكفيل ولا ملازمته حتى تحضر البينة نص عليه احمد وهو مذهب الشافعي لقول رسـول الله صلـى الله عليه وسلم : “شاهداك أو يمينه ليس لك ألا ذلك فان احلفه ثم حضرت بينه حكم بها ولـم تـكـن مزيلة للحق لان اليمين انما يصار اليها عند علوم البينة فاذا وجدت البينة بطلت اليمين وتبيـن كذبها. وان قال لى بينة حاضرة واريد يمينه ثم اقيم بينتى لم يملك ذلـك وقـال ابو يوسـف يستحلفه وان نكل قضى عليه

ويقول عمر رضي الله عنه ” (البينة الصادقة احب إلى مـن اليمين الفـاجرة) وان المدعى إذا ذكر أن بينته بعيده أولا يمكنه احضارها كأن يكون الشهود مثلا مسافرين أو غـير
موجودين في مكان الحكم أو من الصعب عليه احضارها في وقت نظر الدعوى وطلب يمين المدعى عليه وحلف له فاذا حلف ثم احضر المدعى بينته حكم له بها وبهذا قال كل من شـريع ومالك والثورى والليث والشافعي والشعبي وابو حنيفة وابو يوسف واسحاق، وذلك لان البينـة هي الأصل واليمين بدلا منها وانني عندما اذكر البينة اقصد كل وسائل الاثبات سواء المتفـق عليها أو المختلف عليها. وقد ذكر عن ابي ليلى وداود أن البينة لا تسمع إذا حلـف بـالمدعى عليه اليمين فذكر ابن قدامة في الرد على ذلك وتوضيحه فقال” “لان البينة الاصل واليمين بـدلا عنها ولهذا لا تشرع إلا عند تعذرها والبدل يبطل بالقدرة على البدل كبطلان التيمـم بـالقدرةعلى الماء ولا يبطل الاصل بالقدرة على البدل”

وان ادعی انسان على حاضر في البلد غائب عن مجلس الحكم أو على مسـافر دون مسافة قصر غير مستتر واتى المدعى بينه لم تسمع الدعوى ولا البينة عليه حتى يحضـر مجلس الحكم لانه يمكن سؤاله فلم يجز الحكم عليه قبله واذا امتنع الحاضر بـالبلد أو الغـائب دون مسافة القصر عن الحضور فيسمع الحاضر الدعوى عليه والبينة وعمر رضي الله عنه كان يقضى بين المتخاصمين سواء حضروا مجلس القـاضي أو لم يحضروا وقال ابن حزم : الصحيح عن عمر القضاء على الغائب إذا صح الحق قبلـه ولا يصح عن أحد من الصحابة خلاف ذلك “ولا يجوز للقاضي النطق بالحكم قبل فهم القضية ودراستها ولا يجوز له النطق بالحكم قبل أن يتبين له الحق وقال ابو موسى مرة : لا ينبغي لقاضي أن يقضى حتى يتبين له الحـق كما يتبين له الليل من النهار فبلغ ذلك عمر فقال : صدق ابو موسى”

قال الامام السرخسي في المبسوط ” وفيه دليل على أن القاضي يمهل كل واحد من الخصمين بقدر ما يتمكن من اقامة الحجة فيه حتى إذا قال المدعى بينتى حاضرة امهله ليأتى بـها فربما لم يات بها في المجلس الاول بناء على أن الخصم لا ينكر حقه لوضوحه فيحتاج إلـى مدة لياتي بهم وبعد ما اقام البينة إذا ادعى الخصم الدفع امهله القاضي لياتي بدفعه فانه مـامور بالتسوية بينهما في عدله وليكن امهاله على وجه لا يحضر بخصمه فان الاستعجال اضـرار بمدعى الدفع وفي تطويل المدة اضر بمن اثبت حقه وخير الامور اوسطها”

زر الذهاب إلى الأعلى