آراء

شعبان شحاته يكتب: عبودية الحكام وفراسة القاضي

أن يكون ضمير القاضي حى ويقـظ ومخلص النية لله وان يبتغى الثـواب والاجر من الله والوصول إلى الحقيقة :قال عمر في رسالته إلى ابي موسى الاشعرى رضى الله عنهما “مجالس القضاء التى يوجب الله فيها الاجر ويحسن فيها الذخر من حسنت نيته وخلصت فيما بينه وبين الله كفـاه الله ما بينه وبين الناس”.

وقال ابن القيم رحمة الله “الحلم زينة العلم وبهاؤه وجماله، وضـده الطيـش والعجلـة والحدة والتسرع وعدم الثبات فالحليم لا يستعزه البذوات ولا يستخفه الذيـن لا يعملـون ولا
يقطقه اهل العبث والخفه والجهل، بل هو وقور ثابت” وان يكون القاضي قويا من غير عنـف لئلا يطمع فيه الظالم ويكون حليما لئلا يغضب من كلام الخصم.

ذكر ابن القيم في شرح كلام عمر : (هذا عبودية الحكام وولاة الامر التي تراد منهم لله سبحانه وتعالى على كل أحد عبودية بحسب مرتبته سوى العبودية العامة التي سوى بين عبادة فيها فعلى العالم من عبوديته نشر السنة والعلم الذي بعث الله به رسوله ما ليس علـى الجاهل. وعليه من عبودية الصبر على ذلك ما ليس على غيره وعلى الحاكم من عبودية اقامـة الحق وتنفيذ والزامه من هو عليه والصبر على ذلك والجهاد عليه ما لبس على المغنى)

ويجب على القاضي أن يكون عارفا باحوال الناس وقد ذكر العلامة ابن القيم في هـذا المعنى فقال (ومعرفة الناس احل عظيم يحتاج اليه الحاكم فان لم يكن فقيها فيه، فقيها في الامر والنهي تم يطبق احدهما على الآخر وإلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح فاذا لم يكن فقـهـا فـى الأمر والنهي ومعرفة الناس تصور الظالم بصورة المظلوم وعكسه والمحق بصورة المبطـل وعكسه وراج عليه المكر والخداع والاحتيال وتصور الزنديق في صورة الصديق ولبس عليـه لجهله بالناس واحوالهم وعوائدهم فلا يميز بين هذا وهذا لابد)

ويجب على القاضي أن يخاف الله ويراقبه في سره وعلانيته ويكون ضميره حي ويقظ حتى لا يؤتى من فعله ولا يخدع لغره وقاضي هذه الايام أحوج ما يكون أي ما ذكرناه وذلـك بسبب أن المحامين إذا وجدوا من القاضي غفلة هضموه ولم يتريثوا وان المحـامين دارسـين ومتخصصين

وقال الامام على كرم الله وجهه : لا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيا حتى تكمـل فيه خمس خصال.(عفیف حليم، عالم بما كان قبله، يستشير ذوى الالباب لا يخاف في الله لومة لائــــم، ويسـهل عليه الحكم، وتتضح فيه طريقته) والقاضي يجب عليه ألا يفهم الخصوم منه اثناء القضية ميله لرأي معيـن والقـاضي محتاج إلى الحكم والسكينة والوقار والعلم فانهى كسوته وجماله واذا فقدهما كان حكمه كـالبدن العاري من اللباس ويجب نقضه.

ويحرم على القاضي أن ياخذ رشوة من أحد الخصمين أو كلاهما لقـول رسـول الله صلى الله عليه وسلم “لعن الله الراشي والمرتشي”.ولقوله صلى الله عليه وسلم “هدايا العمال غلول”

وفي الرسالة ينصح امير المؤمنين عمر بن الخطاب القاضي بالاخلاص الله حتـى مابينه وبين الناس ويعينه على قول الحق ونطق الصواب ولا يخاف احدا لانه لا يخـاف إلا الله
وعليه أن يوافق ظاهرة باطنه فان خالف الظاهر الباطن غضب الله عليه.والقاضي إذا تحققت فيه هذه الصفات في سلوكه وأدبه مع نفسه ومع الخصوم وفي القضية وفي الوصول إلى الحكم واخلص لله كان له عند الله جزاء أن في الدنيا والآخرة.

زر الذهاب إلى الأعلى