آراء

شعبان شحاتة رئيس القلم الشرعي بالعدوة يكتب : عادات الختان عند العشائر الاردنية

عادات الختان عند العشائر الاردنيةيذكر الدكتور أحمد عويدي العبادي «وكان بعض البدو يختنون أولادهم بسلخ الجلد ، إلا أنها طريقة غير إنسانية واندثرت الآن»

ويقول (أولفريد ثيسيفر) في كتاب رمال العرب «بعدئذ سألت بن قبينة : يبدو عليك الهزال والتعب فهل كنت مريض؟ ! أجاب : لقد كنت على وشك الموت في غيابك ولقد ختنت منذ ثلاثة أشهر وأصابني نزيف حاد حتى خيل الى الكثير أني مت ، كنا ثمانية وقـد أجرى لنا الختان أحد شيوخ بيت (خوار) في وادی (کیدیوت) كان هناك رجل ذو لحية من المناهل بيننا ، أما البـاقـون فكانوا من بيت خوار وكانوا أكبر منى وقبل العملية دهن أهلنا أجسامنا بالزبدة والزعفران ثم أجريت لنا عملية الختان ونحن جالسون على صخرة وقد بدأ الرجل بي لأني كنت الأصغر . وبعد أن ربط القسم الأمامي بواسطة خيط تركه ، يالله كم تألمت وقد ارتحت تقريبا عندما قطع اللحمة الزائدة مع أن سكينه لم يكن حادا وبعد القطع وضع على الجرح مزيجا من الملح والرماد وروث الجمال المدقوق فإحسست بلسع كـمـا تلسع النار ، وفي الليل أخذ جرحي ينزف ، وفيما كنت نائما أفقت لأشعر برطوبة ساخنة على فخدى كـان الجلد الذي نمت عليه مـنـقـوعـا بالدم وكـان الظلام حالكا فلم أر شيئا حتى
أشعلت والدتى النار عندئذ -(القائل أولفريد)- سألت ابن قبينة «لماذا انتظر أهلك حتى كبرت ليجروا العملية : فقال هذه عاداتنا ،

وأضاف بابتسام : إن بعض أبناء المهرة ينتظرون حتى ليلة زفافهم .وفي جنوب العراق رأيت صبية يبلـغـون الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة يتزاحمون کي يختتنوا كما يتزاحم الاولاد لشراء الحلوى مـن دكـان المدرسة في انجلترا . وفي السودان قابلت صبية قاموا بإجراء العملية الذي شهدته منذ خمسة
أشهر في (تهامة) البعيدة ، لقد ظل الصبيان الذين كانوا قيد الختان منتظرين اليوم الذي يعلن فيه الشيوخ أن مركز القمر والنجوم يسمح بإجراء العملية وكانوا يرتدون سترات حمراء قصيرة ضيقة الأكمام وسراويل بيضاء واسعة تضيق عند الركبة وهذه هي المرة الوحيدة في حياتهم التي يلبسون فيها السراويل لأنها من ملابس النساء وفي الـيـوم المعين ركـبـوا على الجمال وأخذوا يـطـوفـون في القرى المجاورة
يتقدمهم الموسيقيون ، ثم عادوا قبل مغيب الشمس الى قريتهم يتبعهم جمهور كبير حيث ساعدهم اصدقاؤهم على خلع السراويل ثم أخذوا يتقدمون أمام قبيلتهم واحداً إثر الآخر وهم أقرب الى البنات منهم الى الصبيان بشعرهم الطويل المرسل وملامحهم الرقيقة . وقف كل منهم ورجلاه متباعدتان ويداه ممسكتان بشعره ، يحدق بـجـمـود دون أن ترمش عينه في الخنجر المغروز أمامه بينما أمسك عبد بـعـضـوه وسلخه ، وعندما انتهى العبد من وانتحـى جـانـبـا قـفـز الفتى الى الأمام . وأخـذ يـرقص بجنون على دقات الـطـبـول الإيقاعية أمام الجمهور المتشوق قافزا صارخاً بينما الدماء تجرى على رجليه

وفي جبال الحجاز واليمن ما تزال بعض القبائل تقـوم بالختان السلخي الذي يؤجل أحيانا الى أن يتزوج الرجل وينجب أطفالا ، وفي هذه الطريقة يسلخ الجلد من سرة البطن حتى الفخذين»

ويقـول العبادي : والواقع إن الختان السلخي غير مـوجـود عنـد بدو الاردن اطلاقا ، وإنما ختان قطع اللحمة الزائدة فقط ويسمى الشخص الذي يقوم بالمهمة (بالشلبي) أو المـطـهـر لأنهم يعتبرون العملية تطهيرا للشخص من الأوساخ التي تتراكم على مذاكيره نتيجة وجود الغلاف الزائد الذي تم إزالته . كـمـا يسـمـون فريضة الحج (طـهـور) ايضا . . وكانت عملية الطهـور تتم بوضع (بعرة) وهي براز النعجة أو العنز داخل الزائد ثم يمسك المطهر بالطرف الزائدة ثم يقوم بقطعها ما بعد
البعرة بواسطة مـوسى أو شفرة في الوقت الذي يمسك بالشخص المختـون عـدد من الاشخاص حتى لا يقوى على الحركة فلا يمنع المطهر من آداء المهمة

واذكـر أن يوم الـطـهـور كان حافلا بالنسبة للشخص الذي سيختتن حيث يغتـسـل لـيـكـون نـظـيـفـا ثـم يـرتدى الثوب الأبيض وبدون سـروال ثـم يـطـلب الى الحـضـور . أن يكون الجميع طاهرا ، والغريب أن حامل الجنابة يغادر المكان أو لا يحضر ساعة الاختتان فقط لان رؤية الجنب في اعتقادهم يؤدى الى الورم والألم وربما الى النزيف . ويجتمع الرجال في الشق والنساء في (المحرم) ويشرب الرجال القهـوة وسط الهرج والمرج بينما تغنى النساء اغاني خاصة سنذكرها . ثم يؤتي
بالشخص الذي سيختتن ويمسك برجليه أثنان وبيـديـه أثنان وآخـر يطبطب على سقف بيت الشعر

يقول : هذه الحمامة ، فينظر الطفل الى الأعلى معتقدا أنه سينال حمامة بينما المطهـر يؤدي عمله بخفة ورشاقة وسرعة وسط الزغاريد والتهليل والتكبير والصلاة على سيدنا محمد ﷺ وكلمات مبروك . . مبروك ثم يحمل الطفل أقرب الناس اليـه (الأب-الأخ ،وربما الأم) وهـو يـصـيـح ويدوربـه قليلا خارج البيت لينسى الألم ويترك الصباح ، ويـقـول العبادي : واذكـر أنـهـم كـانـوا يضعون من الأدوية بعد الختان البعر المدقوق مع الأعشاب المدقوقة ومن ضمنها

(عروق الحمحم) والمسماه (الهـو اجوى) حيث تغلى وتنقع بالماء ويوضع الماء على الجرح كمطهر ومسكن للألم في آن واحد ويساهم في الإبراء أيضا وكـانـوا يـحـكـون الحزام والجلد ويأخذون ما يخـرج من الحك ويطـبـخـونه بالسمن البلقاوى ثم يضعونه على الجرح مع تجنب وضع ذلك على ثقب المذاكير کی لاتغلقها ثم يعصبون عليه قطعة قماش نظيفة يتم فكها في المساء أو في صبيحة اليوم التالي . وتوضع الأدوية البدائية باستمرار حتى يبر حتى يبرأ الجرح وكانت هناك طريقة أخرى للختان وهي وضع (البعرة) في داخل الغلفة ثم توضع بعدها جلدة مثقوبة بحيث تخرج من خلال الثقب – الزائدة التي سيتم قطعها- وتربط الزائدة بخيط أو يمسك بها المطهر بيده ومن الأدوية ايضا : سـوس الخشب وهي النجارة التي تخرج من قلب جزع الشجرة عندما ينخرها السوس . ويتم دق هذا السوس مخلوطا بالشبة وقلق النعاج (وهو الوسخ الذي يتبقى على مؤخرة النعجة) وقهوة محروقة وملح . ويتم طحن هذه جميعا معا في آن واحد ويتم تنخيلها وتوضع المادة المدقوقة على الجرح

وكان البدو إذا اختتنوا أولادهم ذبحوا للواحد ذبيحتين وإذا كانوا أثنين ذبحوا لهما ذبيحة واحدة أو أكثر ، حيث يتشاءمون من طهـور الشخص منفردا ويرون أن الشيطان قـد ينفرد به ، لذا فإن الذبيحتين تحلان محل شخص آخر ولا تـتـركـانه وحـيـدا . واذكـر أنـهـم كـانـوا ينتظرون ولادة الطفلين والثلاثة للشخص الواحـد ليطهروهم معا . أما الآن فإن هذا الاعتقاد قد انتهى ولا يخشى أحدهم من ختن ولده منفرداً ، بل أن المفضل عندهم الان إجراء ذلك في اليوم السابع من الولادة ، أو في الوقت الذي لازال الطفل فيه صغيراً وذلك لأنه أقل خطرا ولأن الختن للشخص وهو يذكر ذلك بعد سن الخامسة أو الرابعة قد يؤدى الى تعقيده وأما الأغاني التي ترددها النسوة بهذه المناسبة فهي كثيرة ولكن غرضها واحد وهو تسلية الطفل والفرح بهذه المناسبة ومدح الشلبي كي لا يظلم

زر الذهاب إلى الأعلى