آراء

د ايمان القصبى تروى من قصص الحيوان في القرآن الكريم نملة سليمان

د ايمان القصبى طبيبة بيطرية تروى من قصص الحيوان فى القرآن الكريم واليوم تقدم لنا قصة نملة سيدنا سليمان

أنعم الله -تعالى- على نبيّه سليمان -عليه السلام- بتعليمه لغة الطير والحيوان؛ فقد كان -عليه السلام- يفهمهم ويتحدث إليهم قال -تعالى-: (وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)، كما وأنعم الله -تعالى- عليه بملكٍ عظيم؛ إذ جعل الله -تعالى- الأرض كلها مُنقادة له، فكان له جندٌ من الإنس والجنّ والطير، وقد نظّم أعمالهم وعيّن عليهم من يمنع تطاول بعضهم على بعض، قال -تعالى-: (وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ)، وكان -عليه السلام- قد خرج يوماً مع جنوده فمرّ بوادي النمل، وسمع نملة تنصح بني جنسها بدخول مساكنهم حتى لا يتحطّموا تحت وطأة أقدام سليمان وجنده؛ ففهم قولها وضحك لأجله، قال -تعالى-: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا)،
وفي هذه القصّة فوائد عدّة، ومنها ما يأتي:
*أدب النملة وشفقتها على بني جنسها:
تظهر شفقة النملة على بني جنسها عندما أمرتهم بدخول مساكنهم حتى لا يتحطموا تحت وطأة الأقدام، وأمّا أدبها فقد كان بحسن ظنّها بسليمان وجنده؛ فهم إن حطّموها وقومها لن يشعروا بذلك ولن يكون عن عمَد منهم، وبذلك تكون النملة قد نفت الظلم عنهم، فهي لم تتهوّر في قولها بالرغم من الموقف المخيف الذي كانت ستَشهده، وكانت قادرة على التمييز بين الأبرار والأشرار. *النهي عن قتل النمل:
يظهر أنّ النمل أمّة من الأمم، يُسبّح رب العالمين بكيفية لا يعلمها إلا هو عزّ وجل .
النمل :
يُصنَّف النمل باعتباره أحد أنواع الحشرات المنتشرة بأعداد هائلة للغاية في جميع أنحاء العالم، وتصل أعداد أنواع النمل إلى 12 ألف نوع، وهو ينتمي إلي مملكة الحيوانات، شعبة “مفصليات الأرجل”. وتكون دورة حياته قصيرة، حيث تقتصر في حالة الذكر على عدة أيام والذي يموت بعد التزاوج بينما تعيش ملكة النمل لعدة سنوات، ويعيش عمَّال النمل فترة تتراوح من بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر، ويحتل النمل مساحة شاسعة من الأرض .
يشترط أن يتواجد في كل مستعمرة نمل ملكةٍ واحدة، والتي تكون أنثى كاملة التكوين من النمل، وتناط هذه الملكة بالمسؤولية عن التكاثر من خلال التزاوج مع الذكور في مستعمرات أخرى أو التزاوج مع العديد من الذكور. وتستمر ملكات النمل في وضع البيض طَوال العام، وتعيش ملكة النمل فترة أطول من غيرها حيث يصل عمر بعض الملكات إلى 30 عامًا.

الصفات السلوكية للنمل :
*التواصل:
حيث يستخدم النمل مادة كيميائية اسمها “فيرمونات” للتواصل، حيث يضعها النمل في مسار لتتبعها المجموعات وهو ما يُفسِّر طوابير النمل، ولعل هذا التواصل الكيميائي المُعقَّد هو طريقة التواصل الأساسية بين النمل.
*النوم:
تختلف طريقة نوم النمل حسب نوعه، فهناك نمل يغفو لمدة 8 ساعات يوميًا، بينما يغفو عُمّال النمل لمدة 8 دقائق كل 12 ساعة، وبعض النمل يأخذ 250 غفوة مُتقطّعة وعلى فترات غير منتظمة خلال اليوم، حيث تكون مدتها دقيقة واحدة تقريباً، أما ملكات النمل فقد تنام لمدة 9 ساعات خلال اليوم. علمًا بأن سلوك القيلولة المتقطع هذا من أجل بقاء عدد كافي من عُمّال النمل لحماية المستعمرة وخدمتها، وهو ما يؤثر على حياتها، فهي تعيش 6-12 شهرًا فقط، بينما تعيش الملكة لمدة قد تصل إلى 6 سنوات.
*صوت النمل:
تُصدِر النملة صوتًا يُسمّى “الصرير” باستخدام عضو مُخصَّص لذلك، ورغم أن هذه الأصوات تكون خافتة وغير مسموعة لدى البشر، إلا أنها تكون مسموعة بين أسراب النمل.
*بناء البيوت:
يبني النمل بيوته في بيئات مُختلفة تُسمى وديان وهي متعددة الأنواع مثل “الوديان الانتهازية”، والتي يبنيها النمل في أي مكان تتوافر به احتياجاته، من رطوبة وغذاء وحماية وهي مثل أجزاء المنزل والأخشاب. وأيضًا “وديان التربة” وهي بيوت يحفرها النمل كأنفاق أسفل التربة. و”الوديان المُعقدة” وهي بيوت متراكبة تمتد عدة أقدام تحت الأرض وتتألف من أنفاق متشابكة ومتصلة وتكون مُغطاة بتلال ترابية كبيرة.
*التكاثر:
تناط ملكة المستعمرة بالمسؤولية عن التكاثر، فهي تتزاوج مع عدد من الذكور خلال فترة التزاوج فقط، ثم تُخزّن الحيوانات المنوية في كيس داخل جسمها وتبقى محجوزة فيه حتى تفتح صمامًا يسمح بدخولها للجهاز التناسلي وتخصيب البويضات، وبعد التزاوج تفقد الملكة والذكور أجنحتها، ثم تبحث عن موقع جديد من أجل التزاوج والتكاثر.
*رعاية الصغار:
يُطلَق على صغار النمل اسم “اليرقات” وتكون على شكل دودة صغيرة، وهي لا تمتلك أي هوائيات لاستشعار المحيط والتواصل مع المجتمع حولها، وتُعبّر عن جوعها بإصدار حركة غريبة بجسدها، ولهذه اليرقات عدة فوائد إذ تُوكّل إليها مهمة غزل الحرير لبناء الوديان والأعشاش.
أهمية النمل للبيئة :
لا يُنظر إلى النمل باعتباره من الآفات أو الحشرات التي يجب التخلص منها أو البحث عن طرق لقتلها، وذلك نظرًا لأنه يعود بفوائد جمَّة على البيئة ومنها على سبيل المثال:
*تُساعِد مستعمرات النمل على إحداث تهوية جيدة للتربة مما يترتب عليه تهيئة نظام بيئي مستقر بسبب إعادة تدوير جيف الحيوانات الميتة والحشرات والمواد المتحلّلة.
*تُساعِد تحركات النمل من زهرة إلى أخرى في عملية تلقيح النباتات.
*يقتل النمل نسبة كبيرة من الذباب.
*يُساعِد النمل على تعزيز تسريب الماء وتدوير الهواء في التربة، مما يعود بالفائدة على جذور النباتات.
*يُساعِد النمل في مكافحة الآفات، فضلاً عن أنّه لا يتناول النباتات ولا يُدمرها.
الإعجاز القرآني في النمل :
*ذكر القرآن كلمة نملة بلفظ المؤنث “قَالَتْ نَمْلَةٌ”، وقد ثبت علمياً أن النملة الأنثى العقيمة هي التي تقوم بأعباء المملكة من جمع الطعام ورعاية الصغار والدفاع عن المملكة وتخرج من الخلية للعمل، أما النمل المذكر فلا يظهر إلا في فترة التلقيح ولا دور له إلا في تلقيح الملكات.
*وجود لغة تفاهم بين أفراد النمل، قال تعالى “قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ”، وقد اكتشف العلماء أن للنمل لغات تفاهم خاصة بينها وذلك من خلال تقنية التخاطب من خلال الشفرات الكيماوية وربما كان الخطاب الذي وجهته النملة إلى قومها هو عبارة عن شفرة كيماوية.
*النملة تنكسر وتتحطم، قال -تعالى- على لسان النملة (لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ)، وقد ثبت أن كلمة (يَحْطِمَنَّكُمْ) دقيقة جداً من الناحية العلمية، حيث أثبتت دراسات كثيرة أن للنمل هيكلاً عظمياً خارجياً صلباً جداً، ولذلك فإن النملة لدى تعرضها لأي ضغط فإنها تتحطم!
.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى