د.فتحي حسين يكتب: مستقبل القيد و العضوية في نقابة الصحفيين

نقابة الصحفيين ليست مجرد نادٍ اجتماعي يفتح أبوابه للجميع، وليست جمعية خيرية تقدم المعونات لكل من يطرق بابها، بل هي حصنٌ منيع لمهنة راقية، مهنة الصحافة، التي يجب أن تكون حكرًا على أهلها الحقيقيين، لا ساحةً مستباحة للدخلاء ومنتحلي الصفة.
والقيد الاستئنافي ،الغير منضبط ،كان دوما الباب الخلفي الذي تسلل منه غير المؤهلين، والآن نجد أنفسنا أمام كارثةٍ حقيقية، حيث يتحول هذا القيد إلى وسيلة مشروعة لإغراق النقابة بعناصر لا علاقة لها بالمهنة، مما يؤدي إلى تدهورها وتراجع قيمتها. فكيف لنا أن نقبل بتسليم النقابة، طواعيةً، لمن لا يملكون أدنى مقومات الصحفي الحقيقي؟!
إن الموافقة على دخول ممارسين غير مؤهلين، سواء عبر القيد الاستئنافي أو عبر أحكامٍ قضائية، أو عبر مجاملات وضغوط من هنا وهناك، هو بمثابة رصاصة الرحمة التي ستجهز على ما تبقى من هيبة الصحافة،وكرامة الصحفيين !
وإن كانت هناك وعود انتخابية، لهولاء المنتحلين سواء من المرشح علي منصب النقيب أو عضوية المجلس، بفتح أبواب النقابة لهؤلاء، فليُقرأ على المهنة السلام!
نحن بحاجة إلى وقفةٍ صارمة، وإلى قرار شجاع: إغلاق القيد الاستئنافي فورًا، ودراسة وقف القيد بالنقابة عامة لمدة لا تقل عن خمس سنوات، لتنقية الجدول من الدخلاء ومنتحلي الصفة، واستعادة هيبة المهنة. بل ينبغي أيضًا التزام النقابة بتكويد الصحف الخاصة، بحيث لا يتم اعتماد أي صحيفة إلا وفق معايير مهنية واضحة.
للأسف، بعض الممارسين الذين يسعون للالتحاق بالنقابة يقدمون شهادات جامعية مزورة، وهنا لا بد من رقابة صارمة ومتابعة حقيقية لمؤهلات المتقدمين، والتأكد من أن الصحافة ليست مجرد “سبوبة” تُفتح على مصراعيها لمن هبّ ودب.
ثم يأتي الحديث عن فكرة نقيب الصحفيين خالد البلشي بفتح باب الانتساب للممارسين في المواقع الإلكترونية، وهي فكرةٌ لا تقل خطورة عن القيد الاستئنافي، بل قد تكون قنبلة موقوتة تهدد كيان النقابة. فتح هذا الباب يعني دخول الآلاف من أصحاب التوجهات المختلفة، ثم المطالبة لاحقًا بالانتقال إلى لجنة المشتغلين، والحصول على بدل التدريب والتكنولوجيا، مما يفرض ضغوطًا هائلة على النقابة، نحن في غنى عنها.
ولا يقف الأمر عند القيد النقابي فقط، بل يتعداه إلى ضرورة تنقية جروبات الصحفيين على مواقع التواصل الاجتماعي من الدخلاء، الذين لا يكتفون بانتحال صفة الصحفي، بل يمارسون “قلة الأدب” في الحوار، وينشرون الإسفاف، ويشوهون صورة المهنة. الصحافة مهنة البحث عن الحقيقة، ومهنة صوت المواطن، لكنها ليست مهنة “التلاسن” و”الشتائم” و”التجاوزات الأخلاقية”.
ختامًا، إذا أردنا الحفاظ على نقابة الصحفيين كقلعة حصينة، لا بد من إغلاق كل الأبواب الخلفية، ومنع دخول المتسللين، وإعادة ضبط معايير القيد وفق ضوابط صارمة. المهنة أرقى من أن يدخلها من لا يستحق، والنقابة ليست مجرد بطاقة تُضاف إلى المحافظ، بل هي شرف ومسؤولية.
فإما أن نحمي المهنة.. وإما أن نقول عليها السلام!