آراء

د .عاطف محمد كامل يكتب : الجهود المصرية في التعامل مع قضية التغيرات المناخيةعلى كافة المستويات 

مع استعدادات مصر لاستضافة مؤتمر تغير المناخ COP 27 المزمع عقده بشرم الشيخ فى نوفمبر 2022،دعونا نتطرق مع كيفية تعامل مصر مع قضية التغيرات المناخية بإهتمام كبير، ودراسة تطورتها على مصر أولاً ثم على المنطقة وعلى مختلف دول العالم ، ولأن مصر من الدول النامية المتأثرة بظاهرة التغيرات المناخية ، فإن سياستها فى هذا الملف تتجه لرفض أى إلتزامات إجبارية على الدول النامية لمواجهة أثار هذه الظاهرة وتؤكد على مبادئ إعلان ريودى جانيرو وخطة عمل بالى ، وبخاصة فيما يتعلق بالمسئولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية ، وفيما يتعلق بمسئولية  الجهات المعنية بالتلوث فى تحمل تكلفة التلوث ، والتأكيد على الدول المتقدمة للوفاء بألتزاماتها لنقل التكنولوجيا والتمويل وبناء القدرات للدول النامية وعدم التنصل من هذه الإلتزامات بسبب الإزمات المالية العالمية. 
تعد مصر من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية ، على الرغم من أنها من أقل دول العالم إسهاما فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى عالميا، بنسبة 0.6% من اجمالى انبعاثات العالم، طبقا للبيانات الوادرة بالإبلاغ الأخير لمصر حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، والذى تم فى إطار قيام مصر بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ التى وقعت عليها مصر عام ‏1994، وكذلك بروتوكول كيوتو، الذى قامت مصر بالتصديق عليه عام ‏2005، ويتضمن تقديم تقارير الإبلاغات الوطنية من كل الدول الموقعة على الاتفاقية كل 5 أعوام.‏وخلال أعمال قمة المناخ فى باريس 2016 ،  وقد أشار الرئيس عبد الفتاح السيسى لمخاطر زيادة درجة حرارة الأرض أكثر من درجة ونصف مئوية، مطالبًا باتفاق عادل وواضح فيما يتعلق بالحفاظ على المناخ وضرورة التوصل لاتفاق دولى يضمن تحقيق هدفا عالميا يحد من الانبعاثات الضارة ، وطالب الرئيس، المجتمع الدولى بدعم جهود مصر فى مساهماتها الطموحة لمواجهة التغير المناخى والتركيز على الدول النامية فيما يتعلق بتغييرات المناخ وتوفير 100 مليار دولار سنويا للتصدى للتغييرات المناخية بحلول عام 2020 ومضاعفته بعد ذلك.ووقعت مصر على اتفاقية “باريس للمناخ” ضمن 194 دولة وقعت على الاتفاق، وكانت اهم بنودها  تعهد المجتمع الدولى بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض وإبقائها “دون درجتين مئويتين”، قياسا بعصر ما قبل الثورة الصناعية، وبمتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، والسعى لتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى واتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة والاستثمار فى الطاقات البديلة وإعادة تشجير الغابات، والسعى لوضع آلية مراجعة كل 5 سنوات للتعهدات الوطنية.وعلى صعيد المحلى، اهتم كذلك مؤتمر الشباب، فى شرم الشيخ، بمستقبل تغير المناخ بالعالم وتأثيره على مصر، وعرض المشاريع التى تم إنجازها منذ  “قمة باريس للمناخ”، ومنها مشروع لاستبدال وسائل النقل القديمة بأخرى حديثة تعمل بالغاز الطبيعى، وترشيد الطاقة وأبرزها استخدام الغاز، فى الأتوبيسات والتاكسيات القديمة، بدلا من البنزين ومراجعة قانون البيئة لاستحداث التغييرات المناخية، وأن المستخدم من مصادر الطاقة اللازمة للكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة فى حدود 5%، وسيرتفع لـ20% بحلول 2022، و42% بحلول 2035، وأن مشروعات الطرق والعاصمة الإدارية الجديدة ومشروع الـ 1.5 مليون فدان، ومشروعات عديدة تعمل على حماية سواحل الدلتا من أثار التغييرات المناخية، وكلها فى إطار حماية مصر من التغيرات المناخية.

المخاطر أساسية للتغيرات المناخية التي تتعرض لها مصر،
هى:
1. زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، حيث سجل البنك الدولى فى 2017، أن عام 2016، هو أشد الأعوام حرارة منذ بداية تسجيل درجات الحرارة، نتيجة ارتفاع درجة حرارة الأرض 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية
2. ارتفاع منسوب مستوى البحر وتأثيراته على المناطق الساحلية، حيث أنه من المتوقع زيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، والذي سيؤدى إلى دخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور جودة المحاصيل وفقدان الإنتاجية
3. زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل “العواصف الترابية، موجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار”
4. زيادة معدلات التصحر
5. تدهور الإنتاج الزراعى وتأثر الأمن الغذائى
6. زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية
7. سيؤثر تغير المناخ على نمط الأمطار فى حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجارى المائية، وخاصة بالأراضى الرطبة
8. تدهور الصحة العامة، حيث تؤثر التغيرات المناخية بشكل مباشر على الصحة عند حدوث عواصف أو فيضانات، وارتفاع درجات الحرارة، وبشكل غير مباشر من خلال التغيرات الحيوية لمدى انتشار الأمراض المنقولة بواسطة الحشرات، كما أن مصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، بانتشار أمراض النواقل الحشرية مثل: الملاريا، الغدد الليمفاوية، وحمى الضنك، حمى الوادى المتصدع
9. تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وتؤدى الضغوط البيئية إلى زيادة ابيضاضها، كما تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على ألوان وعمر الآثار والمنشآت التاريخية.

نهج مصر ازاء قضية التغيرات المناخية 
تنتهج مصر نهج الدول النامية في التفاوض بشأن أهم قضايا التغيرات المناخية من خلال المحافل الدولية، كما أن موقع مصرالريادي على المستوى الإقليمي – العربي والإفريقي – يجعلها ذات دور بارز في التمثيل في المجموعات الإقليمية طبقا لتقسيم الأمم المتحدة، فمصر عضو في مجموعة 77 والصين، والمجموعة الأفريقية، ومجموعة الدول العربية المصدرة للبترول (أوابك).

 ويمكن حصر الموقف المصري فيما يلي:
– التأكيد على أن آثار التغيرات المناخية الحالية والممتدة لعقود قادمة هي من نتاج الانبعاثات من الدول الصناعية طوال فترة ما بعد الثورة الصناعية وحتى الآن. 
– هناك التزامات على الدول الصناعية يجب أن تقوم بها تجاه الدول النامية طبقاً للاتفاقية والبروتوكول سواء من حيث خفض الانبعاثات ، أو نقل التكنولوجيا ، أو تمويل صناديق التأقلم مع التغيرات المناخية ، أو البحوث والمراقبة وتحديد المخاطر والتهديدات وتعويض الدول النامية المعرضة لآثار التغيرات المناخية ، وكذلك تدابير الاستجابة وضرورة خضوع الدول الصناعية لآليات وقواعد المحاسبة خلال مراجعة هذه الدول في فترة الالتزام الأولي -2008) 2012)
– ترى مصر أهمية عدم الانزلاق إلى ما يسمي بالالتزامات الطوعية طبقا للمقترح الروسي – والمؤيد من كافة الدول الصناعية – والذي يهدف إلى تقديم حوافز مالية وتكنولوجية للدول النامية التي تقبل بنظام الالتزامات الطوعية – خوفا من تحوله إلى التزامات مفروضة فيما بعد – علماً بأن هذه الحوافز هي أصلاً موجودة ومن حق الدول النامية طبقاً للاتفاقية والبروتوكول. 
– تؤكد مصر على أهمية استمرار الحوار بين الدول المتقدمة والدول النامية لتحسين الاتفاقية والبروتوكول في كل المحافل الدولية ، ومنها مؤتمرات تغير المناخ ، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لتجنب المخاطر المتوقعة للتغيرات المناخية. 
– ترى مصر أن قيام الدول المتقدمة بالوفاء بالتزاماتها تجاه الدول النامية الأفريقية ، وخاصة الأكثر تعرض لمخاطر التغيرات المناخية يعتبر ركيزة أساسية في نجاح المفاوضات بشأن الالتزامات المستقبلية للدول المتقدمة ، وكذلك فإن هناك ضرورة للتركيز على موضوعات التأقلم مع مردودات التغيرات المناخية جنباً إلى جنب مع موضوعات التخفيف والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. 
– ترى مصر أن مناقشة قضايا التغيرات المناخية يجب أن تظل في إطار اجتماعات ومفاوضات ومؤتمرات تغير المناخ ، والتي يتم تنظيم عملها في إطار اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية ، وبروتوكول كيوتو ، وأنه يجب آلا يتم تسييس القضية حتى لا يتم توجيها إلى اتجاهات ضد مصلحة الدول النامية. 
– ترى مصر أن موضوع نقل التكنولوجيا من الموضوعات الهامة ، وهناك ضرورة لتكوين هيكل مؤسسي قوى وقادر على تفعيل نقل التكنولوجيا للدول النامية ودعم تمويل مشروعات نقل التكنولوجيا على أسس تفضيلية وكذلك بناء القدرات والدعم الفني لهذه الدول لضمان استمرارية وكفاءة هذه الآلية ، وان فريق عمل الخبراء الحالي لنقل التكنولوجيا EGTT غير قادر على الوفاء بكل الالتزامات المشار إليها.
– الاهتمام بأساليب البحوث والمراقبة المنهجية لتعظيم الاستفادة من النماذج الرياضية التي تتنبأ بمخاطر التغيرات المناخية على القطاعات المهددة ، وخاصة قطاع الموارد المائية والسواحل والزراعة. 
– إن التأثيرات المتبادلة بين تغير المناخ وعمليات التصحر والتنوع البيولوجي لها أهمية كبيرة ، ولذلك نرى أهمية أن تتضمن أية مفاوضات مستقبلية للتغير المناخي وسائل تفعيل سبل التعاون بين تطبيق اتفاقيات ريو الثلاثة لتعظيم الاستفادة من مساحات العمل المشترك بين هذه الاتفاقيات.
التدابير المصرية في التعامل مع قضية التغيرات المناخية،

منها:
• تشجيع المشروعات الخضراء والتي تعتمد على الاقتصاد الأخضروتحسين كفاءة الطاقة من خلال وزارة الكهرباء والطاقة والتوسع فى مشروعات عديدة في مجال الطاقات الجديدة والمتجددة (الرياح-الشمسية-المائية-الحيوية).
• تنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ وتطبيق إستخدام نظام الإنذار المبكرلمتابعة ورصد التغيرات المناخية.
• تبادل المعلومات للتوصل للأبعاد الحقيقية لظاهرة التغيرات المناخية وإنعكاساتها البيئية
• التعاون مع المجتمع الدولى فى الحفاظ على نوعية البيئة.
• الحد من مسببات التغيرات المناخية وتطبيق سياسة التخفيف والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. 
• رفع الوعى العام بالظاهرة وأبعادها الاقتصادية والتعامل معها.
• بناء القدرات، وتفعيل برامج المساعدات الدولية المالية والفنية ونقل التكنولوجيا.
• وضع السياسات والبرامج اللازمة للتكيف مع تغيرات المناخ فى جميع القطاعات. 
• تفعيل برامج مشاركة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية للمشاركة بالرأى
• قيام مركز البحوث الزراعية بإجراء بحوث دورية على تأثير تغير المناخ على الإنتاج المحصولي واستنباط أنواع جديدة لها القدرة على تحمل التغيرات المناخية والإحتياس الحرارى.
• التوسع في عمل مشروعات استرشادية لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة ومعالجة المخلفات وإنشاء الغابات الشجرية.
• تنفيذ العديد من مشروعات آلية التنمية النظيفة وتحقيق نجاحات ملموسة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والصناعة، ومعالجة المخلفات، والزراعة والتشجير، وتحسين كفاءة الطاقة، والتوسع في تحويل الوقود للغاز الطبيعي،ولما تمثلة هذه المشروعات جذبا للاستثمارات الأجنبية، وتوفير فرص عمل جديدة، والمساهمة في تنفيذ خطط وتحقيق أهدف مصر للتنمية المستدامة 2030.

بقلم: ا.د/ عاطف محمد كامل أحمد-مؤسس كلية الطب البيطرى جامعة عين شمس ووكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والمشرف على تأسيس قسم الحياة البرية وحدائق الحيوان استاذ – عضو اللجنة العلمية لإتفاقية سايتس- وخبير الحياة البرية والمحميات الطبيعية اليونسكو وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية وخبير التغيرات المناخية بوزارة البيئة- الأمين العام المساعد للحياة البرية بالإتحاد العربى لحماية الحياة البرية والبحرية- جامعة الدول العربية

زر الذهاب إلى الأعلى