تحقيقات و ملفاتاقتصاد

خبراء:التحول للطاقة الجديدة والمتجددة يدفع عجلة الإنتاج ويحقق الاستقرار والنمو الاقتصادي

الطاقة النظيفة أفضل طريق إلى كوكب سليم وصالح للعيش للأجيال القادمة

 

كتب عاطف عبد الستار

أشاد المهندس أيمن هيبة، رئيس شعبة الطاقة المستدامة بغرفة القاهرة التجارية، ورئيس مجلس إدارة جمعية تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة “سيدا” باهتمام الحكومة بتنمية مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر، والاتجاه إلى تقليل الاعتماد علي مصادر الطاقة التقليدية والتي تساهم بشكل كبير في زيادة الانبعاث الحراري والبصمة الكربونية.

أكد هيبة، في تصريحات صحفية اليوم، أن هناك اتجاه عالمي لتقليل استخدام مصادر الطاقة التقليدية، وهو ما شاهدناه خلال قمة تغير المناخ الأخيرة في دبي والتي شارك فيها الرئيس السيسي وأكد خلالها علي دعم التوجه العالمي للحد من استخدام بطاقة التقليدية والوقود الأحفوري،

وأضاف هيبة، أن التوجه نحو استخدام الطاقة النظيفة يعد أحد أهم آليات التحول للاقتصاد الأخضر، حيث تعتمد عملية التحول نحو الاقتصاد الأخضر على 10 قطاعات رئيسة في الاقتصاد، علي رأسها وأهمها قطاع “الطاقة”، مع استحداث مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة؛ كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وطاقة الكتلة الحيوية، والتي لا يترتب على استخدامها أي عوادم من شأنها الإضرار بالبيئة، إلي جانب أنها تساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية.

من جانبه رحب المهندس روماني حكيم، نائب رئيس جمعية تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة “سيدا”  وعضو مجلس إدارة شعبة الطاقة المستدامة بالغرفة التجارية بتصريحات الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، في اجتماع الحكومة الأخير، والذي ناقش مشروعات القطاع الخاص في مجال الطاقات المتجددة،

قال نائب رئيس جمعية تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة “سيدا”   أن تصريحات رئيس الوزراء، كشفت عن حجم المشروعات الهائل في مجال الطاقة الجديدة، وتبني الحكومة لإقامة هذه المشروعات والتعامل معها علي أنها مشروعات قومية تلقي كل الدعم، حيث كشف مدبولي عن أن مصر لديها مشروعات طاقة متجددة تحت الإنشاء بقدرات إجمالية 1700 ميجاوات، تم التعاقد بالكامل بشأنها مع عدد من الشركات، وتم الإغلاق المالي لها، كما أن هناك مشروعات أيضا بقدرات 1800 ميجاوات صدرت لها موافقات مجلس الوزراء، وتم توقيع بعض عقودها، وفي انتظار توقيع باقي العقود.

وأكد حكيم، أن إقامة مشروعات التحول للطاقة الجديدة والمتجددة، يساهم في دفع عجلة الإنتاج، وتحقيق الاستقرار والنمو؛ مما يخلق فرص عمل جديدة، ويعمل على تحسين مستويات المعيشة، والحد من الفقر.

أوضح أن اقتصاد الطاقة النظيفة يعد من الفرص الاقتصادية والبيئية الكبرى؛ لأن زيادة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الصناعات القائمة على مصادر الطاقة التقليدية والمتمثلة في (الفحم والبترول والوقود الحفري) تؤدي إلى زيادة الآثار الكربونية الضارة، مما يعيق عملية التنمية الشاملة التي تنتهجها مصر.

الطاقة النظيفة.. العالم يراهن على اقتصاد مستدام وفوائد هائلة ...

تتزايد الاتجاهات العالمية نحو التحول لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة كأحد آليات مواجهة التأثيرات السلبية للتغير المناخي، حيث أدى استخدام الوقود الأحفوري إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة وظاهرة الاحتباس الحراري، كما أدى التغير المناخي إلى زيادة الطلب على التبريد أو التدفئة، والإضرار بالبنية التحتية للوقود الأحفوري، وكذلك تعطيل محطات الكهرباء الحرارية. وعليه، كان لا بد من التحول من نظام توليد الطاقة القائم على الوقود الأحفوري إلى نظام خالٍ من الكربون بأسعار مقبولة، وذلك من خلال الاستثمار في موارد الطاقة المتجددة، وتعزيز الممارسات الموفرة للطاقة، واعتماد تكنولوجيات الطاقة النظيفة. وفي هذا الصدد، اتخذت الدولة المصرية العديد من الإجراءات تمثل أبرزها في زيادة الاستثمارات العامة الموجهة لقطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، وتدشين مجمع “بنبان” بمدينة أسوان كأكبر مجمع للطاقة الشمسية في العالم، وكذلك التوسع في استخدام الغاز الطبيعي، والاستثمار بمشروعات الهيدروجين الأخضر والنقل المستدام.

يتم توليد جزء كبير من غازات الدفيئة التي تحيط بالأرض وتحبس حرارة الشمس من خلال إنتاج الطاقة، عن طريق حرق الوقود الأحفوري لتوليد الكهرباء والحرارة.

الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز أكبر مساهم في تغير المناخ

الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، هو إلى حد بعيد أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يمثل أكثر من 75 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية وحوالي 90 في المائة من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

العلم واضح: لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريبًا بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050.

ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى التخلص من اعتمادنا على الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفي المتناول ومستدامة وموثوقة.

تتجدد مصادر الطاقة المتجددة (المتوفرة بكثرة في كل مكان حولنا من خلال الشمس والرياح والمياه والنفايات وحرارة الأرض) بفضل الطبيعة وتنبعث منها غازات أو ملوثات قليلة إن لم تكن منعدمة.

الطاقة الجديدة والمتجددة

لا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80 في المائة من إنتاج الطاقة العالمي ، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة. حوالي 29 بالمائة من الكهرباء تأتي حاليًا من مصادر متجددة.

الطاقة النظيفة أفضل طريق إلى كوكب سليم وصالح للعيش

أسباب تجعل تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة هو الطريق إلى كوكب سليم وصالح للعيش للأجيال الحالية والقادمة.

  1. مصادر الطاقة المتجددة في كل مكان حولنا

يعيش حوالي 80 في المائة من سكان العالم في بلدان تستورد الوقود الأحفوري، أي حوالي 6 مليار نسمة يعتمدون على الوقود الأحفوري القادم من بلدان أخرى، مما يجعلهم عرضة للصدمات والأزمات الجيوسياسية.

 

في المقابل، تتوافر مصادر الطاقة المتجددة في جميع البلدان، ولم يتم استغلال إمكاناتها بالكامل بعد. ترى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة أن 90 في المائة من كهرباء العالم يمكن وينبغي أن تولد من الطاقة المتجددة بحلول عام 2050.

تمكن مصادر الطاقة المتجددة من التخلص من الاعتماد على الواردات، مما يسمح للبلدان بتنويع اقتصاداتها وحمايتها من التقلبات غير المتوقعة في أسعار الوقود الأحفوري، مع دفع النمو الاقتصادي الشامل، وخلق فرص عمل، والتخفيف من حدة الفقر.

  1. الطاقة المتجددة أقل تكلفة

الطاقة المتجددة هي في الواقع يار الطاقة الأقل تكلفة في معظم أنحاء العالم اليوم. أسعار تكنولوجيات الطاقة المتجددة تنخفض بسرعة. فقد انخفضت تكلفة الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية بنسبة 85 في المائة بين عامي 2010 و2020. وانخفضت تكلفة طاقة الرياح البرية والبحرية بنسبة 56 في المائة و48 في المائة على التوالي.

بفضل انخفاض تكلفتها، تعد الطاقة المتجددة أكثر جاذبية في كل مكان، بما في ذلك في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، حيث سيكون معظم الطلب الإضافي على الكهرباء المتجددة. وإن انخفاض الأسعار يتيح فرصة حقيقية لتوفير الكثير من إمدادات الطاقة الجديدة على مدى السنوات القادمة من مصادر منخفضة الكربون.

يمكن أن توفر الكهرباء المنخفضة التكلفة المولدة من المصادر المتجددة 65 في المائة من إجمالي إمدادات الكهرباء في العالم بحلول عام 2030. كما يمكن أن تزيل الكربون عن 90 في المائة من قطاع الطاقة بحلول عام 2050، مع الحد من انبعاثات الكربون بشكل كبير والمساعدة في التخفيف من آثار تغير المناخ.

تقول الوكالة الدولية للطاقة إنه على الرغم من توقع بقاء تكاليف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في عامي 2022 و2023 أعلى من مستويات ما قبل الجائحة بسبب الارتفاع العام في أسعار السلع والشحن، فإن قدرتها التنافسية تتحسن بالفعل جراء الزيادات الأكثر حدة في أسعار الغاز والفحم.

  1. الطاقة المتجددة تحافظ على الصحة

وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية، 99 في المائة من سكان العالم يتنفسون هواء يتجاوز الحدود القصوى لجودة الهواء، وهذا الهواء يهدد صحتهم، ويرجع أكثر من 13 مليون حالة وفاة في العالم كل عام إلى أسباب بيئية يمكن تجنبها، لاسيما تلوث الهواء.

تنجم المستويات غير الصحية للجسيمات الدقيقة وثاني أكسيد النيتروجين بشكل أساسي عن حرق الوقود الأحفوري. في عام 2018، تسبب تلوث الهواء من الوقود الأحفوري في تكاليف صحية واقتصاديةبقيمة 2.9 تريليون دولار، أي حوالي 8 مليارات دولار في اليوم.

وبالتالي، فإن التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، مثل الرياح والطاقة الشمسية، لا يساعد في معالجة تغير المناخ فحسب بل يسمح أيضًا بالتكفل بتلوث الهواء والصحة.

  1. الطاقة المتجددة تخلق فرص عمل

كل دولار يُستثمر في مصادر الطاقة المتجددة ينتج ثلاثة أضعاف الوظائف المستحدثة في قطاع الوقود الأحفوري. تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن يفضي التحول إلى صافي انبعاثات صفري إلى زيادة عامة في وظائف قطاع الطاقة: في حين يمكن فقدان حوالي 5 ملايين وظيفة في مجال إنتاج الوقود الأحفوري بحلول عام 2030، سيتم استحداث حوالي 14 مليون وظيفة جديدة في مجال الطاقة النظيفة، أي كسب 9 ملايين وظيفة.

بالإضافة إلى ذلك، ستتطلب الصناعات المتعلقة بالطاقة 16 مليون عامل إضافي، على سبيل المثال لتولي أدوار جديدة في تصنيع السيارات الكهربائية والأجهزة عالية الكفاءة أو في التكنولوجيات المبتكرة مثل الهيدروجين. وهذا يعني أنه يمكن خلق أكثر من 30 مليون وظيفة في مجالات الطاقة النظيفة والكفاءة والتكنولوجيات قليلة الانبعاثات بحلول عام 2030.

سيكون تحقيق تحول عادل ووضع احتياجات الناس وحقوقهم في صميم التحول الطاقوي، أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم تخلف أحد عن الركب.

  1. الطاقة المتجددة مجدية من الناحية الاقتصادية

تم إنفاق حوالي $5.9 تريليون دولار على دعم صناعة الوقود الأحفوري في عام 2020، من خلال الإعانات الصريحة، والإعفاءات الضريبية، والأضرار الصحية والبيئية التي لم يتم احتسابها ضمن تكلفة الوقود الأحفوري. 

على سبيل المقارنة، يجب استثمار حوالي 4 تريليونات دولار سنويًا في الطاقة المتجددة حتى عام 2030 – لاسيما في التكنولوجيا والبنية التحتية – حتى نصل بالانبعاثات إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050. 

قد تكون التكلفة الأولية ثقيلة بالنسبة للعديد من البلدان ذات الموارد المحدودة، وسيحتاج الكثير منها إلى دعم مالي وتقني لإجراء التحول. لكن الاستثمار في الطاقة المتجددة سيؤتي ثماره. وبإمكان الحد من التلوث ومن آثار تغير المناخ وحده أن يوفر للعالم ما يصل إلى 4.2 تريليون دولار  سنويًا بحلول عام 2030.

علاوة على ذلك، يمكن لتكنولوجيات الطاقة المتجددة الفعالة والموثوقة أن تخلق نظامًا أقل عرضة لصدمات السوق وأن تعزز القدرة على الصمود والأمن الطاقوي من خلال تنويع خيارات.

زر الذهاب إلى الأعلى