د.فتحي حسين يكتب: رؤيتي لحل مشاكل الصحافة المصرية
انتهت فعاليات وجلسات المؤتمر السادس للصحفيين منتصف ديسمبر الحالي بكل احداثه وفعالياته التي لم احضرها علي الاطلاق الا يوم الافتتاح فقط وجلسة صباحية عن مشكلات تمويل الصحف القومية واقتراحات عودتها للاصدار بقوة من خلال حل المشكلات والبحث عن مصادر تمويل جديدة لها , وبصرف النظر عن التوجه الواضح في الجلسة والمؤتمر برمته الذي ربما اعدت توصياته مسبقا قبل ان يبدأ أصلا , الا ان ملاحظات المؤتمر السلبية اكثر من الايجابية , ابرزها سلبية هي ندرة الاعداد التي حضرت المؤتمر من الصحفيين فقد كان الاكثرية من طلاب الجامعة ومصورين الصحف والفضائيات بالاضافة الي رواد المهنة من الكبار , فضلا عن حدوث اشتباكات ومشاجرات لفظية وربما بالايدي بسبب عدم اتاحة الفرصة للبعض للحديث وابداء راية !
فضلا عن مصيبة كبري وهي تجاهل اوراق بعض الصحفيين من الجلسات دون سبب واضح بالرغم من انك في نقابة الرأي والحرية , منهم ورقتي انا شخصيا , والتي ارسلتها للجنة المنظمة وللنقيب ايضا وكانت ورقة علمية عن تحديات الصحافة الورقية في ظل الذكاء الاصطناعي وسبل الحل ! الا ان فؤجئت بالنقيب خالد البلشي يؤكد لي ان الورقة ضمن اوراق المؤتمر علي غير الحقيقة حتي فؤجئت, مثل غيري من بعض الصحفيين , بعدم طرحها علي الاطلاق في المؤتمر ولا في اي اوراقه والتركيز فقط علي بعض الصحفيين المعروفيين بتوجهاتهم وبعض كهنة الصحافة الذين مهما مر الزمان عليهم لم يتغيروا كوجوه معروفة علي الشاشات ولم يعطوا الفرصة للاجيال الحالية لتاخذ الفرصة كما في اختيارات النقابة للصحفيين بالهيئات الاعلامية الثلاثة !
فقد وجدت في هذا المقال فرصة هامة لعرض رؤيتي في المؤتمر التي لم استطيع عرضها وانا عضو جمعية عمومية منذ اكثر من 20 سنة ! وربما يرد علي صديق في هذا الموقف قائلا : بعد العيد مفيش كعك! وارد عليه : صدقت ! ويقال هذا المثل الشهير في مصر أيضاً حين انقضاء الحاجة إلى شخص لم يقدم المطلوب منه وقت الشدة، ولما انقضت الشدة بحلها أو بتعقيدها، جاء هذا الشخص ليقدم مساعدته فيقول له صاحب الحاجة «إنت جاي دلوقتى ليه، صحيح على رأي المثل بعد العيد ما يتفت كحك». ومعناه لسنا في حاجة إليك الآن، وهي عبارة من مفردات العشم في الحارة المصرية!
وكانت رؤيتي عن ضرورة تقديم طلب بجانب العديد من الطلبات التي يحتاجها الصحفيون و اعتقد لو تم تنفيذها سوف تحل مشكلة ضعف تمويل المؤسسات الإعلامية التقليدية والتي تنذر بكارثة إذا لم نجد لها حل ،في ظل قوة الإعلام الرقمي وسيطرته في ظل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة باستمرار دون توقف حتي كتابة هذا المقال!.
شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت منذ انطلاقها قبل أكثر من عقدين من الزمن تقريبا ،ملاذا لكل من هب ودب وساحة للتعبير والفضفضة والحوارات والتعارف وتكوين صداقات والشات بين أفراد من كافة الاماكن حول العالم ..
ومفيش اي قانون أو معاهدة أو اتفاقية دولية تنظيم آليات عمل شبكات التواصل الاجتماعي علي مستوي العالم لأن هذه الشبكات تعمل وفق قوانينها وأهدافها الشخصية وتحقق المليارات من الدولارات سنويا نتيجة استخدام البيانات الشخصيه الخاصة بنا وبغيرنا من المواطنين حول العالم وليس في مصر فحسب،في الاعلانات واستخدام الاخبار والروابط المختلفة .
تأثرت وسائل الإعلام التقليدية بظهور وسائل الإعلام الجديدة والسوشيال ميديا وأصبح هناك خسائر فادحة للاعلام التقليدي لترك المعلنين التقليدي لصالح الرقمي تهدد بقاء التقليدي.
في عام 2021 الحكومة الأسترالية قامت بعمل بروتوكولات مع الشركات الكبري عابرة الحدود مثل فيسبوك وجوجل وكانوا يتكلمون علي قانون في مجلس النواب الاسترالي لمناقشة الحصول علي نسبة من العوائد الإعلانية التي تقدم علي شبكات التواصل الاجتماعي لصالح المؤسسات الصحفية والإعلامية التقليدية ونجحت في ذلك علي الرغم من معارضة الفيس بوك وجوجل لهذا الأمر بل تهديدهم بمنع نشر الأخبار علي منصة جوجل وفيس بوك في استراليا إلا أن هذا التهديد لم ينجح ،بسبب إصرار الحكومة الأسترالية علي الحصول على نسبة من الاعلانات ومن خلال الضغط علي روبرت مردوخ صاحب الإمبراطورية الإعلامية اليهودي ،نجحت في الحصول علي ربع مليار دولار سنويا من اعلانات جوجل والفيس بوك لصالح المؤسسات الإعلامية التقليدية.
مبررة أن الفيس بوك وجوجل تعتمد علي الخبر والتحقيق والذي يقدم الخبر للصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي تنشرها وتحقق عوائد إعلانية ضخمة جدا.
حيث أن المطالبات الان للعالم أجمع أن يتم الحصول علي نسبة من العوائد الإعلانية حسب المؤسسات الصحفية الإعلامية في البلاد وحسب إنتاجها الخبري تحصل علي نسبة من عوائد اعلانات جوجل.
ولو استطاع الإعلام المصري الحصول على عوائد مليونية أو مليارية دولارية من هذه المنصات مثل جوجل او تيك توك أو انستجرام أو الفيس بوك واليوتيوب أو تويتر ..الخ سوف تنجح في تمويل المؤسسات الإعلامية التقليدية.
ومن خلال ممارسة الدولة الضغط بالأليات المختلفة علي شبكات التواصل الاجتماعي تستطيع تحقيق أهدافها بالحصول على التمويل أسوة بأستراليا .
لماذا لا يكون لدينا شبكات تواصل اجتماعي خاصة بنا في مصر والوطن العربي أسوة ببعض التجارب في هذا الإطار والفيس بوك الصيني والبريطاني وربما الأمريكي.
لان شبكات التواصل الاجتماعي كالفيسبوك تعتمد علي بيانات الأفراد المستخدمين في مصر والدول العربية والعالم كله ويجني من وراء هذه البيانات المليارات من الدولارات ،من عوائد بيع هذه البيانات لجهات عديدة أمنية واعلانية تطلبها لمعرفة كيف يفكر الأفراد وماذا يفضلون ؟ وأحلامهم ..
فلماذا لا نفكر هذا عمل فيس بوك خاص بنا ومعتمد عليها وبالتالي سيسبب هذا خسائر كبيرة للفيس بوك وجوجل لأن تعداد مصر تحديدا كبير جدا يصل إلي أكثر من ١٢٠ مليون نسمة. ولدينا بنية معلوماتية وكفاءات تستطيع بناء شبكات تواصل اجتماعي ،نحتاج فقط الي إرادة سياسية وشعبية واجتماعية في هذا الأمر .
وسائل التواصل الاجتماعي تتعامل معنا علي أننا سلعة قابلة للبيع والشراء ،منزخلال تخزين المعلومات والبيانات الشخصية والعائلية وماذا نحب وماذا نكره ،وكل ما يكتب علي الفيس بوك مثلا يتم حفظه وعدم حذفه باي شكل من الأشكال .ومن ثم فأنت مراقب علي الفيس بوك ووسائل التواصل الاجتماعي ،وهذا الوسائل تبيع البيانات لمن يدفع لها ونحن ننساق إليهم ونعطيهم كل ما يتعلق بحياتنا الشخصية من احتفالات وافراح وعزاءات ،وخاصة الذكاء الاصطناعي الذي يتلقي مثل هذا البيانات لكي يشتغل عليها ! وهذا المعلومات تستخدم لأغراض مخابراتية وتجارية وذاتية لتطوير برامجها ومناصرتها وربما تستخدم البيانات للتجسس على الأفراد بين الدول.الأمر خطير جدا ويحتاج الي إرادة شعبية وسياسية واجتماعية لتنفيذ ذلك.