د.فتحي حسين يكتب: مات سليمان عيد.. فنان البسطاء ابن البلد

مات سليمان عيد. قالوها كده ببساطة، كما لو أن فرجة انغلقت على مشهد حياة، وكأن الرجل لم يكن يملأ الشاشة بخفة دمه، وبساطة حضوره، وروح “ابن البلد” اللي مش محتاج يلبس بدلة علشان يدخل قلوب الناس.
سليمان عيد، اللي كان لسه من ساعات بيقف جنب نعش صاحبه، بيعزّي فيه، قال كلمتين وعيونه زغللت، لكن ماحدّش فهم إن اللي بيودّع صاحبه هو نفسه اللي بيلم شوية أنفاس أخيرة، علشان يلحقه على الجهة التانية من الحياة!
مشهد عبثي، ومؤلم، لكن فيه لمحة وفاء نادرة. الفنان اللي عاش طول عمره يواسي الناس في وجعهم، ساب الدنيا وهو بيواسي
ما أخدش بطولة مطلقة، ماشي!
بس هو كان محتاج بطولة،وكان هناك مشروع له في دور باراك أوباما الرئيس الأمريكي الأسبق ولكن تقريبا لم يتحمس له المنتجين ؟!
ده الراجل كان داخل المشهد يقول كلمة، يسيب بصمة. تلات ثواني من ظهوره تكفي علشان الجمهور يضحك، ويتعلّق، ويقولك: “يا راجل، ده سليمان عيد!”
فنان مفيهوش تكلف، لا في الأداء ولا في العِشرة. تلاقيه في الأدوار الصغيرة، لكن روحه كانت كبيرة، وسايبة علامة أكبر من أي بطل ورقي شال الفيلم على كتفه وماحدّش افتكره.
سليمان عيد كان من الناس، وليهم.
بيمثلهم، وبيتكلم بلسانهم، وبيتقال عليه دايمًا “فنان الغلابة”، مش شفقة، ولا تقليل، لكن لأنه كان بيشتغل بضمير، وبيقف قدام الكاميرا بنفس الصدق اللي بيقف بيه على باب القهوة يحكي نكتة.
ما عِشِق الأضواء، ولا باع مواقف، ولا طلع في برنامج يعيط على ماضيه. عاش راجل بسيط، ومات بسيط. ودي أعظم شهادة ممكن ياخدها فنان
النهارده، لما نكتب عنه، مفيش حاجة نقولها تضيف له، لأنه في قلوب الناس من زمان.
بس نقدر نقول: شكرًا يا سليمان، لأنك علمتنا إن الفن مش “بوستر”، وإن العظمة مش في عدد مشاهد، لكنها في أثر، في محبة الناس، في الدموع اللي نزلت عليك وأنت ما كنتش نجم شباك، لكنك كنت نجم قلوب.
سلاما يا ابن البلد.