الدكتور فتحى حسين يكتب : أزمة كورونا.. وثقافة المصريين
ربما كانت ادارة ازمة انتشار فيروس كورونا المستجد القاتل الناجحة في مصر في البداية هي السبب في وجودنا في الوضع الامن الي حد كبير بالمقارنة بالدول الاخري المجاورة.
ولكن الامر الاكثر خطورة هو ثقافة بعض المواطنين من افراد الشعب المصري التي تري ان العزل للمصاب بالفيروس هو نوع من العقاب والسجن الغير مقبول او غير المحتمل في مكان العزل لمدة ١٤ يوم وهو ما لا يقبله عدد كبير من الناس الذين يرفضون مجرد فكرة الذهاب للمستشفيات العزل لتلقي العلاج اللازم من اجل الشفاء.
ولكن الحقيقة تقول بان لا احد يذهب بارادته الي مكان العزل- الا من رحم ربي – حتي لا يضيع اسبوعين يتلقي علاج وهو مقيد الحركة ! وفي نفس الوقت محتاج الي العمل حتي ينفق علي اسرته لاسيما اذا كان من العمالة الغير منتظمة او غير المعينة بوظائف ثابتة!
بينما البعض الاخر اذا اصيب بالفيروس او اذا ظهرت الاعراض عليه ، فانه يفضل التواجد داخل بيته او تناول بعض الادويه المضادة للبرد والجيوب الانفية او مضادات للحلق او خافض للحرارة المرتفعة ويكتفي بهذا خشيا من فضيحة ووصمة عار انتشار نبأ اصابته بمرض العصر ” كورونا” ! وهنا تكمن الخطورة بسبب عدم ادراكه لخطورة الامر !
الامر الاخر المتعلق بالثقافة العامة هي انه بمجرد معرفة الناس باصابة شخص ما بفيروس كورونا هو وصمة عار تلحق بالشخص المصاب وتجعل الناس تتجنبه مدي الحياة وتتجاهل التعامل معه في كل الاحوال واذا لا قدر الله وتوفي فان الاهالي ترفض دفنه في المقابر التابعة لقريتهم مثلما وجدنا الاهالي تمنع دفن الطبيبة سونيا عبد العظيم التي توفت بعد اصابتها بالعدوي اثناء عملها واخر منع من الدفن في احدي قري بنها بالقليوبيه وغيرها من الحالات التي تجعل للكثيرين يلتزمون الصمت وعدم التحدث عن اصابتهم بالمرض او ظهور اعراض المرض عليهم خشية من ردود افعال للمجتمع عليهم .
وهذا ما يمثل خطورة كبيرة من تفشي المرض في عدد كبير من المحافظات لاسيما محافظات الصعيد المنسية التي ربما يظهر بها حالات من الاصابات ولكنها لم تفصح او تبلغ عنها خشيا من وصمة العار التي ستلحق بهم في حالة انهم اذا قاموا بالابلاغ عن انفسهم او ذهابهم الي مستشفيات العزل بسبب طبيعة القري والاعراف والتقارب الشديد هناك بين السكان والمواطنين هناك!
علي كل حال لابد الدولة التي تقوم بالدورها في التعقيم والتطهير لكافة المرافق ان تقوم بدورها ايضا في التوعية للافراد بان الفيروس او المرض ليس الانسان دخل به واي شخص معرض للاصابة به وينبغي عليه الذهاب للعلاج واتباع تعليمات الدولة لان هذا وباء عالمي خطير يصيب العالم كله وليس مصر فحسب ومن ثم علينا الالتزام بالتعليمات وعدم التباطيء في الكشف والمتابعة وعدم الكتمان خشيا من فضيحة ووصمة عار الاصابة بالفيروس !
وما فعله البعض من سكان احدي القري بالقليوبيه والذين منعوا دفن متوفي بكورونا هو سلوك مرفوض دينيا اخلاقيا وانسانيا ولا يقبل باي حال من الأحوال وهو ما رفضه الازهر ودار الافتاء وكذلك الاطباء الذين اكدوا عدم الاصابة بالفيروس ما دام نتبع الاجراءات الوقائية في حالات الدفن ولا خوف علي الاهالي من العدوي لان الفيروس ليس شعاع قوي سيخرج من المقبرة ليصيب الجميع !
الامر الاخر هناك العديد من المواطنين في مصر من القاهرة والمحافظات لا يدركون حتي الان خطورة الفيروس وانتشاره السريع وقيامه بقتل اكثر من ١٠٠ الف مواطن حول العالم حتي الان واصابة ٢ مليون اخرين وفي مصر وصلنا الي عدد ٣٣٣٣ مصاب و٢٥٠ متوفي حتي كتابة هذا المقال ورغم ذلك نجدهم يسعون الي التجمعات سواء في الصلاة جماعة علي اسطح المنازل او خارج المساجد المغلقة او في بعض الاعمال التصويري التليفزيوني بحجة تصوير اعمال رمضان من مسلسلات وافلام العيد ويظل الافراد هناك اكثر من عشر ساعات في مكان التصوير .
وهذا غير مقبول باي حال من الأحوال بالرغم من قرارات الحكومة بمنع الشواطيء والحدائق والمطاعم والمقاهي والمجمعات والمساجد فضلا عن وقف الدراسة بالجامعات والمدارس والغاء امتحانات سنوات النقل الا أن ثقافة بعض الناس تحارب كل هذا وتساهم في انتشار الفيروس وربما تحقيق كوارث لا يعلم مداها الا الله وحده.!
ينبغي أن نغير من ثقافة الشعب هذه الايام وعدم الانصياع الي كلام اهل الشر من الجماعات الارهابية المنتشر علي وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها حتي نخرج – باذن الله- من هذا الوباء والكابوس الذي يطارد العالم كله وليس مصر فحسب والتي ادعوا الخالق عز وجل أن يحميها ويحفظها من كل شر انه علي كل شيء قدير.