آراء

د.فتحى حسين يكتب :ذكري مولد خير البشر سيدنا محمد

 

في ذكرى مولد الرسول العظيم،خير الخلق اجمعين وشفيع المسلمين ورسول الإنسانية كلها،من كل عام،لابد أن نتأسى جميعا بأخلاقه العظيمة وأدبه الجم وإخلاصه الذي ليس له حدود في العمل والتعاملات مع الآخرين وهو ما نفتقده نحن اليوم في كل الاحوال،وينبغي أحياء سنته الشريفة العطرة والتمسك بها وباخلاقيات التعامل مع الاخرين من المسلمين وغير المسلمين من الاقباط واليهود.. وقيم الدين الإسلامي الحنيف الذي يدعو دوما الي التسامح والعفو عند المقدرة والابتعاد عن الظلم وترسيخ قيم العدل داخل المجتمع والتمسك بالأمانة في كل شئون الحياة وعدم استفزاز الآخر للدخول إلي الحرب معه،وإنما الاستعداد دوما لأي قتال يفرض علي المسلمين،والصبر والحكمة في مواجهة التحديات والصعاب والصبر حتي يأتي مفتاح الفرج.

وينبغي علي كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ان تتوحد علي كلمة سواء وان تنبذ الفرقة فيما بينهم والصراعات والتحزبات والمؤامرات التي تضعف تماسكنا ووحدتنا كعرب ومسلمين،حتي نصل الي بر الامان لمجتمعاتنا ومستقبل ملايين الاجيال القادمة.

واذكر علي المستوي الشخصي،عندما رزقني الله بالحج الي بيته الحرام والوقوف بعرفة وبعد الانتهاء من مناسك الحج الاساسية في مكة المكرمة،كان لابد أن اذهب الي المدينة المنورة من أجل قضاء بعض الايام فيها حتي يأتي موعد الطائرة للعودة الي القاهرة من المدينة المنورة بالسعودية من مطار الامير محمد،وجاءت اللحظة المنتظرة فور وصولي الي المسجد النبوي الشريف وقيامي بالوضوء والتزين تمهيدا للدخول الي قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام،ثم الصلاة ركعتين في الروضة الشريفة،وعندما اقتربت من قبره الشريف شعرت برجفه ممزوج بالفرحة والاشتياق في قلبي لاقتراب تحقيق الحلم ونظرت اليه والقيت السلام ببهجة وسعادة كبيرة والسلام أيضا علي صاحبيه، سيدنا ابو بكر التصديق،وسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عندما وارضاهم وهم الذين يدفنون بجواره،وكنت أشعر بداخلي انه سمعني وشاهدني،بل وربما ورد السلام بداخله ودعا لي أيضا.

فكم من السعادة التي اعترتني عندما شعرت بأن الرسول شاهدني شخصيا وسعد بزيارتي له وسمع دعائي أيضا.

ثم اتجهت لصلاة ركعتين في الروضة الشريفة، ثم اذن الاذان لصلاة العصر وانا بداخل الحرم،فصليت جماعة هناك بالروضة الشريفة التي قال عنها رسول الله ص بانها قطعة من الجنة،وهي المكان ما بين قبره الشريف وما بين منبر رسول الله،فما اعظمك يا حبيبي يا رسول الله.

وكم من الجبال الصعبة والطريق الطويل الوعر ،من مكة للمدينة قطعه رسول الله عندما هاجر مع اصحابه من مكة للمدينة وهي دروس مستفادة بالطبع،وهناك دروس كثيرة لا يتسع المقال لذكرها ولكنها هي نبراس لكل المسلمين ان يسيروا عليها في حياتهم،حتي يريث الله الأرض ومن عليها.

وفي كل اخلاقه وقيمه وعلمه،ورسالته العظيمة، علامة او اشارة او حكمة يريد توصيلها المسلمين في كل نواحي العالم كله،فمثلا، اخلاقه في التعاملات التجارية مع المسلمين واليهود والاقباط،وغير التجارية ايضا وفي مساعدة الفقراء والمساكين وفي قيمة الاثارة،والتضحية والنبل والشهامةوالقوة والشجاعة وعدم الخوف من قول الحق،حتي ولو كلفه الكثير،وادبه الجم منذ ان كان شابا وامانته واخلاصه،حتي لقب بالمخلص الامين،واعجبت به بعد ذلك السيدة خديجة بن خويلد،التي كانت ميسورة الحال قبل زواجها منه،واكبر منه سنا، الا انها طلبت الزواج منه، عندما رأت افعاله وتابعت سلوكياته واخلاقه طوال الوقت،وقررت الزواج منها بالرغم فارق السن بينهما،وكان عند حسن ظنها وحبته بشدة،كما حبه الرسول كما لم يحب احد قبلها شيء ،وكان معها نعم الزوج الذي يعتمد عليه في كل الامور،وكانت السعيدة خديجة في تعاملها معه، وخوفها عليه نعمة الزوجة الصالحة والعظيمة،و التي احتوته بحكمة شديدة ، عندما نزل عليه الوحي سيدنا جبريل وكان يرتجف ويرتعش من الخوف، ويقول زملوني زملوني ! وناداه رب العزة في بداية سورة المزمل:” يا أيها المزمل”.

اخلاق النبي الكريمة هي السبب الاكبر في دخول اعداد كبيرة في الإسلام،ودعوة الناس الي الايمان بالله وحده وعدم الشرك به،والدعوة الي عبادة الله الخالق العظيم،فانتشرت دعوته في مختلف ربوع العالم بعد ذلك،بعد ما ذاق من العذاب الوان من أجل نشر دعوته الي عبادة الله وحده.

نحن في حاجة بعد اكثر من 14 قرن وزيادة، من هجرة الرسول من مكة للمدينة، الي أحياء سننه والتأسي باخلاقه الشريفه، في تعاملاته مع الاخرين وفي كل مناحي حياته وفي صبره وقوة تحمله من أجل اظهار الحق وابطال الباطل وفي نصرة الدين الاسلامي.

هو رسول الإنسانية بلا شك يدعو الجميع الي الحق ونبذ العنف والتطرف والارهاب بالطبع،لان ديننا هو الدين الوسطي الجميل البسيط الذي يرتقي بالانسان الي اعلي المستويات والدرجات الايمانية السليمة،وهو دين عزة وقوة واحياء لكل ما هو جميل لحياتنا واخرتنا.

فداك روحي ونفسي يا رسول الله وانت احب الي من نفسي،واتمني ان اكون من الذين سوف تشفع لهم يوم القيامة ومن الجالسين معك وبجوارك في الجنة يوم القيامة،يا حبيبي ويا حبيب الله،ويا شفيع المسلمينفي حبك يتيه قلبي وكل جوارحي،وأهيم شوقا لرؤياك في منامي ويقظتي.

وأتمنى أن أزورك مرات ومرات يا حبيبي،حتي اشبع وأرتوي من حبك واشهد أنك رسول الله وخاتم الانبياء والمرسلين،ففي جمالك لم تري العين قط ومثلك لم تلد النساء،ولدت مبرأ من كل عيب وكأنك ولدت كما تحب أن تكون.

زر الذهاب إلى الأعلى